الخميس، يناير 30، 2014

حقوق وليست مطالب!

بقلم: مطيع بامزاحم

بإشراق شمس صباح هذا اليوم تدخل الهبة الشعبية في يومها الأربعين ومعها كل ايجابياتها وسلبياتها وشدها وجذبها والتي تحتاج من المختصين إلى تقيم صادق وواعي لسلسة الأحداث والتطورات التي حدثت على كل الصعد, غير أن مايخطر على بالي وبكل قوة إلى جانب كل تلك اللحظات العظيمة التي سطرها ولايزال يسطرها أبناء حضرموت دفاعاً عن حقوقهم المشروعة والمستحقة ما قاله فضيلة المنصب الشيخ عبدالرحمن باعباد في مهرجان أربعينية الفقيد سعد بن حبريش الحمومي ومرافقيه التي أقيمت في غيل بن يمين وهو موجهاً خطابه إلى السلطات المسؤولة في المركز قائلاً لهم بلهجة واضحة وصريحة (إن ماينادي به أبناء حضرموت هي "حقوق وليست مطالب") ثم وجه كلامه إلى الحاضرين قائلا لهم كذلك (إن القضية ليست قضية شخص ولا قبيلة وإنما هي قضية حضرموت ومستقبلها) ليختصر بهذه الكلمات العميقة جوهر المعضلة وأساسها ويضع ويحدد المسؤوليات التي يحاول البعض التهرب منها وحصرها في قبيلة أو فئة دون أخرى ودون ربطها بالمستقل الذي نأمل ونرجوا ونتمنى ونسعى ونجتهد ونناضل ونكافح ونحارب من أجل أن يكون مشرقاً خالياً من أخطاء وتجاوزات وتراكمات الماضي البعيد والحاضر القريب.

ومن منا لم يدرك بعد أن السلطات في بلادنا وللأسف الشديد عودتنا وتعودت على أنها لا تستجيب للمطالب المحقة إلا إذا استخدمت معها أساليب غير ناعمة من قبيل قطع الطرق الرئيسية والدولية وتفجير أنابيب النفط والغاز ومحاصرة الشركات الكبرى والمؤثرة وعلى رأسها الشركات النفطية وقطع أسلاك الكهرباء والإنترنت وكذلك اختطاف الأجانب واحتجازهم وهو الأمر الذي أدى في كثير من المرات إلى إحراج السلطات المسؤولة في الدولة وحقق مكاسب مادية كبيرة جداً للخاطفين خصوصاً وأن معظم أولئك المختطفين كانوا رعايا لدول لها ثقلها وحجمها الكبير والمؤثر على الخارطة الدولية.

ذلك التعود الذي أنطبع في عقلية المواطن اليمني بشكل عام جعله يمارس تلك التصرفات ويعزف عن الأساليب السلمية والقانونية في التعبير عن المطالب والحقوق وألغى ما تبقى من هيبة واحترام وحب وطمأنينة وشعور بالفخر والاعتزاز والثقة بالسلطات المسئولة ورسخ مفاهيم الفوضى والبلطجة والعبث وأخذ الحق باليد لتدفن مع كل تلك التصورات والممارسات الخاطئة الآمال المعقودة على بناء وطن ومواطن يحترم سيادة القانون ويساهم في بناء دولته المنشودة التي دفعت في سبيل إقامتها الأرواح والدماء منذ الثورات الأولى.

لهذه السجل الحافل بالممالة والتسويف والتهرب والحلول السطحية من قبل السلطات المسؤولة لم نستغرب أن تتعامل تلك السلطات السابقة والحالية في الدولة اليمنية مع حقوق ومطالب أبناء حضرموت القديمة والحديثة بشي من ذلك الاستخفاف والتسويف والتهرب والحلول السطحية مع معظم الملفات والقضايا عن قصد ومن غير قصد وليس آخرها مطالب حلف قبائل حضرموت في مؤتمر وادي نحب الأول ومقررات مؤتمر وادي نحب في الـ10 من ديسمبر وما تناسلت عنها من قرارات وتطورات لازالت السلطات المسؤولة والمركزية في صنعاء تماطل في تنفيذها والاستجابة الحقيقية لها وتكتفي تلك السلطات بالاستجابة الإعلامية فقط عبر التصريحات الصحفية والإعلامية التي تصدر بين لحظة وأخرى!.

تلك الاستجابة الإعلامية فقط من أعلى هرم في السلطة وصولاً إلى السلطة المحلية تجرجرنا للبحث عن الأسباب الحقيقية التي حالت ولازالت تحول بين القيام بتحركات جادة وملموسة في سبيل تلبية هذه المطالب المحقة وتلك الحقوق المستحقة لأبناء حضرموت, وتجعلنا نتيقن بأن هناك جهات نافذة في الدولة لها يد في ذلك التسويف والتهرب والمماطلة وشراء ذمم ضعفاء النفوس من ذوي النفوذ من أبناء حضرموت وصولاً إلى المواجهة والحشد وافتعال المعارك وفتح الجبهات هنا وهناك ولم تستطع حتى اللحظة السلطات المسؤولة إيقاف وإخضاع تلك القوى النافذة أو على الأقل تحجيم دورها وصولاً إلى القضاء التام عليها وبسط سلطة الدولة الحقيقية عبر المخلصين والصادقين والأكفاء من أبناء حضرموت اللذين يعتبرون بأن من أبسط حقوقهم بسط سيطرتهم على أرضهم وثروتهم وإدارة مايتعلق بشؤون حياتهم ومستقبل أجيالهم بأنفسهم وبدون وصاية ومنّة من أحد كائناً من كان أو اعتبار أن تلك المطالب مطالب عادية وترفيهية قابلة للقبول أوالرفض بعد مرور أربعين يوماً على الانطلاقة المباركة والصمود الأسطوري في وجه كل التحديات والصعاب والتخلي والنكوث بالعهد والوعد وعروض البيع المغرية والقمع المتواصل والتهديدات المستمرة.

الأربعاء، يناير 15، 2014

اللجنة الرئاسية وأساليب "الكلْوسة"!

بقلم: مطيع بامزاحم

وللجان في بلدنا الممتلئ بها حديث آخر وشكل فريد وتصرفات لاتجد لها تفسيراً ولاشرحاً ولاتوضيحاً سوى المزيد من الحيرة المؤدية إلى الشك والمحبطة لكل الآمال والتطلعات الصادقة والمخلصة لذلك المواطن الذي عاف لعبة العبث والتمييع و"الكلْوسة" لكل ملفات القضايا والمعضلات التي تحدث هنا وهناك دون أن تختم تلك الملفات الشائكة بختم المعالجات الصحيحة والحلول الحقيقة.

لم تعي العقلية الحكومية ولم تدرك بعد أن أساليب "الكلْوسة" لم تعد مجدية في ظل التطورات الحالية والمتلاحقة وأن من الخطأ الرهان على الأساليب البالية والتقليدية التي لم يجني منها المواطن المعنى بالقضية سوى مزيداً من الشعور بالعبث والضياع والمهانة والضيم والظلم.

لاننكر تجاوب الحكومة من أعلى هرم في السلطة وصولاً إلى قيادة السلطة المحلية في حضرموت وكذلك الأحزاب وغيرهم وتأكيدهم بمناسبة وبدون مناسبة على مطالب أبناء حضرموت المحقة والمشروعة على الأقل من خلال التصريحات المؤيدة لتلك المطالب الكثيرة وخصوصاً تلك المتعلقة بملف حادثة اغتيال الشهيد المقدم سعد بن حبريش وماتناسلت عنها من تطورات وأحداث ألقت بظلالها بقوة على مشهد الأحداث في طول البلاد وعرضها وكان من صور ذلك التجاوب إرسال لجنة رئاسية برئاسة معالي وزير الإدارة المحلية الأستاذ علي محمد اليزيدي غير أن هذه اللجنة لم تبدأ حتى اللحظة في التحركات الحقيقة الدافعة في اتجاه حل هذا الملف الشائك والمتفاقم يوماً بعد اليوم وكأنه لايكفي كل ذلك التراخي في تقديم الحلول الحقيقة لنتفاجأ بعدها بعقد لقاءات هناك وهناك مع شخصيات حزبية وقلبية ودينية ومكونات لاصلة حقيقة أو مباشرة لها بكل تلك الأحداث وتطوراتها ولاتمتلك مفاتيح الحل ولا الدفع بالشارع والقبائل في اتجاه التصعيد أو عدمه!.

وحتى نكون أكثر واقعية ومصداقية علينا أن نقر بأن من يمتلك مفاتيح حل هذه القضية وذلكم الدفع بالشارع والقبائل في هذه المرحلة هو حلف قبائل حضرموت والهيئة التنسيقية للهبة الشعبية وبعض القوى المؤثرة في الساحة الحضرمية وعلى رأسها الحراك الجنوبي, ولايعني حصرنا لطريق الحل الصحيح في هذه القوى نوعاً من الإقصاء لغيرها من المكونات والشخصيات الحزبية والقبلية والدينية والمكونات ولكنه نوع من الحديث الصريح والشفاف بالحقيقة التي يرفض البعض الاعتراف بها ويسعى لتجاوزها وتجاهلها والقفز من فوقها ونحن نثبتها هنا من أجل وضع النقاط الحقيقة على الحروف الحقيقة إذا أرادت اللجنة الرئيسية أو غيرها من اللجان الوصول إلى الحل الحقيقي والواقعي والتعامل الجاد والواعي مع أوراق هذا الملف المتفاقم.

لانعلم إن كانت هناك جهود تبذل من تحت الطاولة أو تتم عبر وسطاء مع تلك المكونات الفاعلة والمؤثرة حالياً في الساحة الحضرمية لحلحلة القضية ولم تسرب بعد إلى وسائل الإعلام ولم يتم اكتشافها من قبل تلك الوسائل غير أن كل المؤشرات تشير إلى خلاف ذلك فما نراه ونتابعه يؤكد أن الملف يتجه في اتجاه المجهول وفي اتجاه التمييع والعبث وفي اتجاه التقاسم والخروج بأكبر قدر من المكاسب الشخصية والحزبية على حساب آمال وأحلام الشريحة الكبيرة والواسعة من أبناء حضرموت.

نخشى أن يتكرر مشهد الدور السلبي للجان الرئاسية ومادونها في حضرموت وتكرر معها نفس الأخطاء ويطبق نفس السيناريو الردي وتلتقى فيه بنفس الوجوه ويقرأ فيه نفس النص الهزيل الذي سئمت من ترداده الألسن وحفظته الآذان وصدقته فقط تلك القلوب والعقول التي اعتادت على التصديق والتمرير و"الكلْوسة" دون النظر إلى الآثار الحالية والمستقبلية التي ستتمخض عن ذلك التصديق والتمرير و"الكلْوسة", وهل مانمر به اليوم به من تراكم للكوارث والمصائب والمشكلات والحروب والمآسي وضياع الحقوق والعبث بالمقدرات والثروات والأرض والإنسان إلا نتجة طبيعية من نتائج ذلكم التصديق والتمرير و"الكلْوسة" العبثية لكل تطورات وأحداث وملفات القضايا والمعضلات القديمة والحالية؟!.

الثلاثاء، يناير 07، 2014

نصوص ولصوص!!


بقلم: مطيع بامزاحم

ليس غريباً على الإطلاق أن نرى لجنة أو فريقاً كلف بعمل مقترحات أو توصيات أو رؤى أو تصورات أو حتى قوانين ودساتير في عالمنا العربي عموماً وفي اليمن خصوصاً أن يبدع ويتألق ويتأنق في تنميق الكلمات واختيار العبارات والإلمام غالباً بالقضية أو المسألة من جميع جوانبها وإيجاد الحلول الحقيقية وربما الجذرية للأزمة التي شكلّت تلكم اللجنة أو ذلكم الفريق من أجلها وذلك بحد ذاته إنجاز كبير غير أن المشكلة الحقيقية لدينا تتمثل في غياب التطبيق الحقيقي والفعلي للنصوص فضلاً عن تهميشها وتجميدها أو الانتقائية في تطبيقها في كثير من الأحيان!.

وكما نعلم فإن للقوانين وللنصوص بكافة أنواعها أهمية بالغة في حياة الشعوب لذلك قالوا أن كل مآسي الشعوب تحدث بسبب غياب القوانين وعدم تطبيقها, وحتى المبادئ الحسنة والتي غالباً ماتصب في الجانب الإيجابي من الأخلاق والسلوكيات التي أوجد القانون لكي يحافظ عليها ويشرع من أجل حمايتها ويتشربها أحدنا من بيئته وأسرته ومجتمعة لاتكون كفيلة في كثير من الأحيان بمنع صاحبها من مخالفتها لذلك يكون تطبيق القوانين والنصوص على الجميع ودون تميز هو الضمانة الوحيدة والحقيقية لمنع وقوع الخطأ أو إحداث الخلل في بنية النظام والمجتمع وتسيره بما يحقق الحياة الفضلى لأفراد تلكم المجتمعات.

وكنموذج لنصوص القضايا والأزمات التي نبدع إلى حد كبير في إيجاد الحلول الحقيقية لها ونتفنن في كتابتها وصياغتها أذكر أني ومع انتهاء المرحلة الأولى من "مؤتمر الحوار الوطني" في شهر يوليو الماضي أطلعت على نصوص تلك المرحلة وقرأت ماتوصلت إليه الفرق من نتائج وتوصيات والتي كانت في مجملها توصيات في غاية الأهمية خصوصاً في نصوص فرق التنمية والجيش والأمن والعدالة الانتقالية والحكم الرشيد واستقلالية الهيئات وستؤدي تلك النصوص بالتأكيد إلى تطورات وتغيرات جذرية وحقيقية وعميقة في بنية النظام السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي والعسكري إذا نفذت وطبقت وتحولت من كلمات مكتوبة بالحبر على الورق إلى قرارات تنفذ وتصبح حقيقة ملموسة على أرض الواقع, غير أن كل المؤشرات السابقة والحالية تشير إلى خِلاف ذلك وأن هذه النصوص ستصبح حبيسة الأدراج وصديقة الورق كالعادة خصوصاً في ظل التناحر المحموم الخفي والظاهر بين القوى التقليدية وأطراف متعددة ومختلفة داخل وخارج المؤتمر وكذلك عدم التحرك الجدي والواعي في ملف القضية الجنوبية الشائك وعدم تنفيذ النقاط الـ20 الصادرة عن اللجنة الفنية التحضيرية للمؤتمر كبادرة حسن نية ورسالة تطمين لأبناء الجنوب وكذلك عدم تنفيذ النقاط الـ11 التي أضافها فريق القضية الجنوبية المشارك في الحوار وأضف إلى ذلك ومع كل ذلك أن هناك ناراً تحت الرماد قد لاح دخانها منذ زمن وتوشك على الاندلاع بقوة رافضة وغير معترفة بالحوار وبمخرجاته جملة وتفصيلاً وشكلاً ومضموناً في كثير من المناطق الجنوبية مع وجود فئات كثيرة محلية وإقليمية ودولية تتعمد حتى اللحظة غض الطرف عنها وتحاول تجاهل وجودها أو حتى الإحساس والاعتراف بها كأقل وأجب وأبسط تقدير!.


كأمة عربية بشكل عام ربما نحن أكثر أمم الأرض لديها نصوص مختلفة ومتعددة مقدسة وموضوعة قديمة وحديثة ثابتة ومتغيرة ولازلنا حتى اللحظة نتفنن ونبدع في إضافة وصياغة المزيد من النصوص المتنوعة وتناسينا أن المشكلة الحقيقية ليست في تلك النصوص والقرارات والتصورات والرؤى ولا في القوانين التي تقر, المشكلة الحقيقية في اللصوص اللذين يقفون في الخفاء والعلن كعائقاً حقيقاً أمام تنفيذ تلك النصوص سواءاً على أنفسهم أو على من والالهم أو على مصالحهم الاقتصادية ومكاسبهم السياسية ومكانتهم الاجتماعية والطامة الكبرى إن أصبح أولئك اللصوص طرفاً أسياسياً في صياغة تلك النصوص ومشرفاً مباشراً على تطبيقها!.