الثلاثاء، فبراير 05، 2013

أنقذوني من البرد




بقلم: مطيع بامزاحم

أبهرتنا مبادرة ثلة من أبناء مدينة المكلا عندما تدعوا لتنفيذ حملة إنسانية خالصة غير مؤدلجة ولامؤطرة بأي إطار سواء أكان حزبياً أم مذهبياً أم قبلياً وحملت في طياتها معاني راقية للغاية وأطلقوا عليها حملة "أنقذوني من البرد" شعوراً منهم بمعاناة شريحة من أهلهم قست عليهم الظروف وضاق بهم الخناق وتعففوا عن سؤال الناس حتى لكأنك تحسبهم أغنياء من ذلك التعفف لولاء مشاهدتك لمنازلهم ومعاينتك لأوضاعهم وجلوسك معهم وجها لوجه بشكل عفوي لأدافع حقيقي له سوى  تقديم المساعدة ومحاولة التخفيف من تلك المعاناة قدر المستطاع.
تلك المبادرة التي قام بها هؤلاء الشباب كشفت عن جوانب قصور وإهمال وتسيب وعبث وضعف لدى المؤسسات الأهلية - ولن نتحدث هنا عن الحكومية –إن وجدت- في هذا المقام- والمسماة "جمعيات" أو "مؤسسات" أو "هيئات" والتي تعرّف عن نفسها في كل لوحة ويافطة ومطوية ومجلة ومناسبة بأنها خيرية والمنتشرة في طول حضرموت وعرضها والتي يبدوا أنها أكتفت في السنوات الأخيرة وربما حتى من سنوات تأسيسها الأولى بالمشاريع التقليدية والروتينية التي تطل برأسها علينا في السنة لمرة واحدة فقط كإفطار الصائم وكسوة العيد والحقيبة المدرسية والأضاحي وغيرها من المشاريع الآنية واللحظية وحتى هذه المشاريع التي تنفذها تقريباً معظم تلك "الجمعيات" تعاني من مآسي حقيقية أبرزها وأخطرها على الإطلاق الانتقائية في التوزيع دون إعطاء أي أهمية لمعايير الاستحقاق والحاجة وكذلك كثرة العاملين عليها والمؤلفة قلوبهم من أجل مشاريع الصراع الحزبية والمذهبية والقبلية والممولة جميعها من خارج حدود حضرموت!.
تجرجرنا هذه اللفتة الرائعة التي قام بها هؤلاء الشباب إلى مناقشة قضية الفقر والعوز وضيق ذات اليد التي غزت الكثير من البيوت الحضرمية في المدن والقرى حتى برزت إلينا كظاهرة تجلّت في انتشار أعداد لا بأس بهم من المتسولين من الجنسين ومن شتى الأعمار من أبناء هذه الأرض الطيبة بعد أن كان التسول مقتصراً فقط على أخواننا اللاجئين من الصومال ومن بعض المحافظات الشمالية ومن شريحة المهمّشين القادمين من الحديدة ولولا الحياء والتعفف وعزة النفس عند كثير من أفراد الأسر الحضرمية لرائينا كثيراً من أهلنا يفترشون عتبات المساجد ويطوفون في الأسواق والمتاجر بحثاً عن ريالات معدودة تسد جوعهم وتكسي أجسادهم النحيلة.
هي همسة عتاب وحزن وألم نبعث بها من قلوب مفجوعة وموجوعة على أهلنا الفقراء والمساكين من أبناء هذه الأرض المعطاءة نبعث بها إلى أولئك اللذين يتربعون على عروش الجمعيات والمؤسسات والهيئات الخيرية ندعوهم من خلالها وعبرها إلى توحيد جهودهم والتنسيق فيما بينهم في توزيع معونات وصدقات وزكوات أهل الخير والبر والإحسان ولو لمرة واحدة فقط ونرجوا منهم أن يتداعوا لعقد اجتماع أو حلقة نقاش أو مؤتمر موسع يتباحثوا فيه بكل مصداقية وشفافية مواجهة هذه التحديات والمعضلات بمشاريع إستراتيجية ضخمة وجادة قبل أن تتحول هذه المعضلات والتحديات إلى مآسي حقيقية سنتصفحها في الصحف والمواقع الإخبارية وسنشاهدها في الشوارع والطرقات وعلى أبواب المساجد فتصبح وصمة عار على جبين أبناء حضرموت اللذين عمّ خيرهم وفضلهم وكرمهم القاصي ولم يصل بعد إلى الداني بالشكل المطلوب.

الثلاثاء، يناير 08، 2013

بروم بلا نت!!




بقلم: مطيع بامزاحم

لايوضع هذا العنوان في خانة شعارات حملات "حضرموت بلا قات أو باصي بلا تدخين أو مدينتي بلا قمامة أو وطني بلا أميّة" التي ينظمها نشطاء في مجال الصحة أو التعليم أو البيئة أو غيرها من الجهات المختلفة, "بروم بلا نت" لايأتي ضمن هذا السياق بل يأتي في السياق المعاكس والمخالف له تماماً!.

كيف يتصور ونحن في الزمن الذي أصبح فيه الإنترنت مصدراً أساسياً لتلقي العلم والمعرفة والاطلاع والبحث والاتصال والتواصل, كيف يتصور أن تحرم منه مديرية كاملة خصوصاً إذا علمنا أن مركزها يبعد عن مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت بحوالي 30 كيلومتراً فقط وتقع على الخط الدولي الذي يربط بين المكلا وعدن ويوجد بها المركز الرئيسي للسلطة المحلية ومكاتب الوزارات المختلفة التي تدار من داخل مكاتبها وغرفها المغلقة شؤون المديرية!.

بروم وجميع بلدات وقرى مديرياتها لاتعاني فقط من حرمان وانعدام لخدمة الإنترنت بل يمتد الأمر ويتعدى لفظة حرمان وانعدام ليستعاض عنها بكلمتي إهمال وفساد يمتد تقريباً إلى كل المرافق الحكومية وعلى رأسها المجلس المحلي ومكتب البلدية وسائر مكاتب الوزارات التي يُعبث من خلالها وعبرها بكل شي ولا يتقن المسؤولون فيها سوى سياسة الترقيعات والحلول التخديرية المؤقتة والمنطق التبريري والتعجيزي والمستهتر واللامبالي والنفعي والسمساري الذي نسمعه عند انفجار بالوعة مجاري في أحد الأحياء أو الشوارع الرئيسة أو تكدس أكياس من القمامة بجانب البيوت والمساكن أو عند توزيع خانات التوظيف الخاصة بأبناء المديرية أو عند كل سؤال عن مشروع أٌقرت ميزانيته ولم ينفذ أو بُدأ به وتعثر أو لايزال في علم الغيب ولم يحركوا ساكناً من أجل البحث عنه والمطالبة به كحق مشروع لا منة لأحد علينا فيه!.

ربما تكمن الأسباب الحقيقية خلف إهمال المسؤولين وعدم جديتهم في موضوع ربط المديرية بخدمة الإنترنت إلى أسباب متعددة من بينها أنهم على يقين تام بأن خدمة الإنترنت إذا دخلت إلى كل بيت فإنها ستتيح الفرصة لكل مواطن ليقول ما يشاء وقت ما يشاء وليرفع صورة ويكتب خبر ومقال ومشاركة وتعليق على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر المواقع الإخبارية الكثيرة يفضح من خلالها زيف الحلول الترقيعية وحجم الاستهتار واللامبالاة ووجه الفساد القبيح الذي ينخر في جسد كل شي, وستنفذ حينها الحملات التي ينادي بها بعض النشطاء من أبناء المديرية في هذه الأيام كالدعوة لتنظيم اعتصامات مستمرة أمام مقر المجلس المحلي وتنفيذ حملة نظف بيتك وضع قمامتك في كيس وضع الكيس أمام مقر البلدية, وحملة المطالبة بمبيت قيادات وأعضاء المجلس المحلي والبلدية في أحد الشوارع بجانب مستنقع مجاري تجاوز عمره السنتين ولا سُلطة لأحد عليه سوى سُلطة السيد "البعوض"!.

السبت، ديسمبر 29، 2012

كم يلزمنا للتخلص من آثار كارثة؟!


 


بقلم: مطيع بامزاحم

في الزمن الذي ابتكرت فيه دول العالم التي تحسب لآدمية وكرامة مواطنيها ألف حساب أجهزة متطورة مكنتها من التنبؤ بالكوارث قبل حدوثها مما جعلها على استعداد تام للتعامل معها ومع تطوراتها في كل مستوياتها وأسوأ احتمالاتها بما يضمن الخروج منها بأقل الخسائر في الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة نجد أننا في حضرموت لانستطيع حتى التخلص من آثار كارثة بسيطة إذا ماقارناها بكوارث مهولة كالتسونامي أو إعصار كاترينا وحتى ساندي الذي ضرب الولايات المتحدة مؤخراً!.

هناك فرق شاسع عندما نتحدث عن معالجة آثار كارثة وعندما نتحدث عن القدرة على الحد من آثارها وتخفيف حجم خسائرها بعد انقشاع غيمتها وعودة الطقس إلى وضعه الطبيعي وصحوه المعهود, فمعالجة آثار كارثة تعد أمراً طبيعياً وشيئاً ضرورياً تحرص الحكومات المحترمة في الدول المحترمة على سرعة التحرك خلالها وجودة المعالجة الآنية والجذرية لآثارها وفق جدول مرسوم بإتقان وخلال فترة زمنية لا تتجاوز الحد المعقول الذي تتطلبه معالجة تلك الآثار!.

نتفهم أن دولتنا وحكوماتنا ومجالسنا المتعاقبة لم تصل بعد إلى مستوى تلك الدول والحكومات والمجالس "المحترمة" لكي تستطيع التنبؤ بالكوارث قبل حدوثها وتستطيع القدرة على التعامل معها أثناء حدوثها, وإلى أن تصل إلى ذلك المستوى سنظل نتفهم ونتفهم ونلتمس لهم العذر, لكن أن تظل آثار كارثة بسيطة عصفت بحضرموت منذ ما يقارب الخمسة الأعوام بادية للعيان أنى وجهت وجهك في المباني والمزارع والسهول والأودية وفي أي طريق أسفلتي أو بقايا جسر أرضي مررت عليه بسيارتك فهذه آثار لا يتفهم المواطن بقاءها واستمراريتها على حالها في طول حضرموت وعرضها على الرغم من المساعدات والدعم والعون الخارجي الذي انهال على حضرموت وصب على أرضها صباً وذهبت به رياح العبث إلى جيوب الفاسدين وحسابات الناهبين وحوانيت سوق عنس!.

قال لي أحدهم متهكما وساخراً بلكنة حضرمية ونحن في وسط جسر أرضي أرغمت تجاعيده الكثيرة السيارة على الاهتزاز والتمايل ولازال على حاله منذ العام 2008م بعد أن سألته بلكنة حضرمية أيضاً "متى بايصلحوا الجسر ذا؟!" فرد "اليماعة بغوا كارتة تانية تضرب حضرموت"!!.


الأربعاء، مايو 16، 2012

نحلم بوطن من كهرباء!!



يبدو أن هناك من يحاول جرجرة الحضارم إلى ممارسة أساليب بعض القبائل وتحقيق مطالبهم المشروعة والمستحقة عن طريق أعمال التخريب والعنف التي لانرضاها ولانقرها وليست من صفات الإنسان الحضرمي الحضاري والمدني والذي يخاف الله ويعشق أرضه, لكن علينا توقع أي شي مادامت تمارس ضدنا أقذر أساليب التهميش والنهب والسلب والتلويث والعبث بحضرموت وثرواتها ومقدراتها منذ أكثر من ربع قرن وفوق هذا كله نحرم من حقوقنا الطبيعة ومستحقاتنها المشروعة!.

عن ماذا نتكلم في ملف كهرباء حضرموت؟ عن خفايا ملف كهرباء الريان وحريقها المفاجئ! أم عن الـ10 ميقاوات التي استقطعت من كهرباء حضرموت لتذهب إلى صنعاء في هذا الصيف! أم عن بيوت المتنفذين التي لاتطفأ ولايغاردها النور! أم عن حمران العيون اللذين لايدفعون ريالاً واحداً مقابل هذه الخدمة! أم عن ماذا وماذا؟؟ لكن دعونا نسألكم أليست الكهرباء خدمة ضرورية وإحدى الحقوق التي يجب على حكومة (الخناق) ووزارة (المفتي) صالح سميع والسلطة المحلية توفيرها بشتى الطرق والسبل خصوصاً وأن حضرموت المحافظة رقم واحد في دفع ماعليها من فواتير وتصل إيرادتها كاملة غير منقوصة إلى المركز في صنعاء! وليس مقبولاً على الإطلاق أن يتم العبث بهذا الحق في مناطق ذات طقس حار للغاية بحجة أن وزير المالية لايريد صرف مستحقات الشركات المزودة للطاقة في حضرموت! إلا إن كانت النية مبيتة على نوايا أخرى فهذا آمر آخر له تفسيرات أخرى وتعاملات مناسبة أخرى كذلك, أو إن كانت هناك حسابات ومخططات سياسية وحزبية تقودها أحزاب في الحكومة ويراد من خلال خلق هذه الأزمة تمريرها في المحافظة فهذا أمر معيب وسياسة غبية وحقيرة تنضح بالغباء والخبث واللامسؤولية!.

وإذا انطلقنا من هذا الفهم فإن وزير الكهرباء ملزم بتوفيرها بأي طريقة وملزم بإيجاد البديل للشركات التي يمتنع وزير المالية عن دفع مستحقاتها وليس من حقه تعطيل مصالح الناس والإبقاء على  مدن المحافظة مظلمة وإغراق أهلها حتى آذانهم في عرق شمس الصيف الحارقة ورطوبته التي لاتطاق, ولانبالغ إن قلنا أن هناك خلط عجيب غريب وعدم اتزان في التعامل والتعاطي مع قضايا الناس وأساسيات حايتهم الضروية ذلكم الخلط منشأه عدم القدرة على الفصل بين واجبات الوزراء ومهامهم والزج بالحسابات السياسية والمنازعات الحزبية في كل قضية وصفقة وأزمة دون خوف من الله ولاشفقة ولارحمة بالمواطن البسيط ولا وجل من حجم الأمانة الملقاة على عواتقهم والمطوقة بها أعناقهم.

لايوجد مبرر واحد لكل هذا الظلم والتعسف والإذلال الذي يمارس ضد أبناء حضرموت وضد المستثمرين من أهلها وإلا مامعنى أن يتم صرف مستحقات شركة الجزيرة التابعة للمتنفذ (الشمالي) توفيق عبدالرحيم صهر المتنفذ الآخر حميد الأحمر ويمنع الصرف عن شركة باجرش والمحضار وبلحامض, أليسوا كلهم مستثمرين  ومتعاقدين مع الدولة أم أن هناك انتقائية في التعامل وانتقائية في الصرف وانتقائية كذلك في الإذلال والظلم والتعسف!.

لن نناشدهم ولن نستعطفهم لأننا لانشحت منهم ولانطالب بشي لانستحقه, فقط نقول لهم بكلام واضح وصريح أنتم تتعمدون إيغار صدورنا بشحنات يومية من الكراهية والحقد والبغض والشعور بإهانة كرامتنا التي هي أعز مانملك وتدفعون بنا إلى التصعيد وأستخدام أساليب أخرى تجبركم على إعادة الاعتبار لنا وإعطائنا حقوقنا كاملة غير منقوصة بكل أدب واحترام وتقدير, وصدقونا سوف نحتاج إلى عشرات السنين لنشفى من جراحنا ونتناساها مع العلم أننا لم نشفَ بعد من تراكمات تجاوزاتكم وتجاوزات أسلافكم وأسيادكم ومحركيكم منذ بداية التسعينيات وحتى هذه اللحظة!.

في مثل حر هذه الأيام قبل عامين بالضبط أتذكر أني كتبت مقالاً بتاريخ 18/5/2010م عنونته بشطر بيت قاله أحد شعراء الدان الحضرمي في إحدى المساجلات الشعرية للشعر الشعبي الحضرمي يقول نصه (هذي البلاد الحضرمية حرها عندي برود) تكلمت فيه عن نفس المشكلة وانعكاساتها سلباً على أحلام الشباب وعلى المجتمع وأردت من خلال اختياري للعنوان أن أعبر عن عشق الحضرمي لأرضه رغم صيفها الحارق وشمسها اللاهبة وأربعينيتها المرهقة, واليوم نعيد نفس القول وليسمعنا جيداً أعداء حضرموت وخالطي الحسابات السياسية بمصالح وحقوق الناس الواجب عليهم توفيرها, عليكم أن تعلموا يقيناً أن عشق الحضرمي لحضرموت سيظل عشقاً أزلياً مهما ظلم وأوذي ومها شرّق وغرّب مرتبطاً بذرات تفاصيل حياته وستظل كرامة هذه الأرض من كرامة أهله وأناسه الطيبين ولن يرضى بأن تداس أو تهان تلك الكرامة أويعبث بها ولن يطول الصمت ولن يتحمل أبناء حضرموت حر الأربعينية وشمسها الحارقة وعنجهية وغطرسة وعجرفة صخر الوجية وصالح سميع ومن خلفهم عصابة النهب والعبث بمقدرات حضرموت وخيراتها وأمنها وأمانها وعجبي على الزمن إذا أصبحت المحافظة الأولى في دفع الفواتير والمحافظة الأولى في ملء جيوب النافذين واللصوص والفاسدين والمحافظة الأولى نفطياً والمساهمة بأكثر من 70% من ميزانية الجمهورية اليمنية تحلم بوطن من كهرباء!, ويبدو أن أول خطوات تحقيق هذا الحلم التخلص من غول قذر بشع لايشبع على الإطلاق يسمى "المركزية"!.

الخميس، مايو 03، 2012

حرية الصحافة وحرية الأيام



لاطعم ولالون ولارائحة للصحف في اليمن وبالتحديد في محافظات الجنوب بدون صحيفة الأيام ولو ظهرت ألف صحيفة وصحيفة وحاولت أن تبدو وكأنها بعض أيامنا العدنية في الشكل والتصميم والمظهر الخارجي, لا لشيء سوى لأن الأيام العدنية حفرت عميقاً في قلوب الشيبة والشباب وكبروا معها وأصبحت وجبة رئيسية يقتاتون حروفها بنهم شديد صباح وعصر كل يوم جديد, ولايزال شكلها البيسط يداعب خيالاتهم بألوانه البسيطة أيضاً ومانشيتاته المعبرة والبلغية والصريحة في آن معاً.

أعرف أصدقاء من أبناء جيلي العشريني تعلموا القراءة من خلالها وأعرف شيبة ضعف نظرهم وخارت قواهم يحرصون على شرآئها يومياً من أحد الأكشاك أو البسطات أو أحد الباعة المتجولين بها وتظل في أيديهم مطوية كأنها عصا الحق تفزع كل باغ وظالم, وحينما يعودون إلى منازلهم يحرصون على أن يضعوها ضمن الأعداد السابقة على أحد رفوف الغرف ويعز عليهم أن يرموها في المطبخ لتستخدم في شؤون الطبخ أوتفرش تحت صحون الأكل كما هي العادة مع بقية الصحف الأخرى والتي توزع بالمجان في أحيان كثيرة!.

علاقة حميمة نشأت بين الأيام العدنية والمواطن الحر البسيط وبالذات في مدن الجنوب لاتشبهها علاقة لا لشيء سوى لأنها كانت صوتاً صادعاً بالحق ناطقاً به تحمل بين جنباتها، آماله وآلامه صرخاته وأناته، مايجول في خاطرته المكدر ومايحدث في شارعه وواقعه المزيف والممتليء بالفساد والتسيب والمتشبع بالقهر والسلب والإذلال.

لكن ذلكم الصدع بالحق والنطق به لم يرق لشلة الفساد وزمرة الإفساد وأتباع كل أحمر في السلطة والمعارضة والجيش والقبيلة ولم يستطيعوا أن يخلقوا منافساً قوياً لها يزاحمها في أكشاك الفقراء وبسطاتهم ولم يستطيعوا أن يجعلوا من صحفهم منتجاً مرغوباً عند أصحاب الأقدام الحافية والمتجولة والتي أيقنت بأن الأيام هي المنتج الصحفي المضمون بيعه والمرغوب باقتنائه دون غيره من المنتجات الصحفية الأخرى فيجوبون بها الشوارع والفرزات والجولات والإشارات وهم على يقين بأن الثلاثين نسخة المبسوطة على ساعد يد أحدهم النحيل تحتاج ربما إلى ساعة واحدة فقط لتنفذ ويتم إستبدالها بثلاثين نسخة جديدة إن وجدت!.

وعندما يئست شلة الفساد وزمرة الإفساد أتباع كل أحمر في السلطة والمعارضة والجيش والقبيلة من مزاحمة الأيام ومن سحب البساط من تحت أقدامها الراسخة في الوجدان وبالذات في محافظاتنا الجنوبية لم يكن متاحاً أمامها إلا اللجوء إلى العنف والتهديد والوعيد والتلفيق والمصادرة والتقطع لسيارات الصحيفة وهي تحمل عددها اليومي إلى شتى المحافظات فكان ذلك الاعتداء السافر على مبنى الأيام والسيطرة عليه بقوة السلاح والجنود واستصدار القرار المجحف بحقها وبحق عدد آخر من الصحف التي تعمدوا تضمينها ضمن قرار المنع حتى يتم خداع الرأي العام ليتبين بعد برهة أن القرار كان يريد الأيام دون سواها ويهدف إلى إيقاف انسكاب حبرها على ورقها الصريح والشفاف إلى الأبد!.

وللمعلومة فقط فإن صحيفة الأيام تعد الأوسع انتشاراً في الجمهورية اليمنية من بين جميع الصحف الأهلية والحزبية ويعتبر موقعها الإلكتروني من انجح المواقع الإخبارية فيها, الأمر الذي دفع بإدارة الصحيفة لأن تفرض رسوم اشتراك مرتفع على متصفحي أخبارها مقارنة بسعر نسخها الورقية, ولاتزال هذه الصحيفة ممنوعة من الصدور منذ العام 2009 وتعرض ناشرها الأستاذ هشام باشراحيل لأبشع المضايقات وأقسى الانتهاكات وكذلك حارسه الشخصي المتدهورة صحته أحمد المرقشي الذي لايزال معتقلاً في سجون الأمن المركزي بصنعاء منذ العام 2008 عبر تهمة كيدية كانت تستهدف الصحيفة وناشرها, فهل سنشهد إعادة اعتبار لهذه القامة الصحفية الموغلة فينا صدقاً وأمانة وشفافية وكذلك للعاملين بها وهل سنشهد قرارات منصفة وجرئية من قبل حكومة باسندوة متبوعة بإسبال دمعتين فقط على ورقة قرار إعادة الاعتبار تبعثر تلكم الدمعتين حبر توقيعه الجميل خصوصاً ونحن نحتفل في الثالث من مايو مع كل دول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة ونتذكر فيه إنجازات الصحفيين ونكرمهم ونتضامن مع معتقليهم ونترحم على من قضى نحبه منهم في كآفة أرجاء المعمورة لاسيما في المناطق الساخنة.

الأربعاء، أبريل 18، 2012

تكفير فتفجير!!




نحتاج إلى وعي جمعي متزن جديد, إلى إعادة تأهيلٍ وإصلاحٍ واسعة لأفكار مجنونة علقت برؤوس الشباب, إلى مراجعات عميقة وواعية لآلية الخطاب الديني الذي يلقى من على منابر رسول الله وفي قاعات المدارس والثانويات والجامعات وعلى صفحات المواقع الإلكترونية والصحف والفضائيات والمطويات والأشرطة والسيديهات, نحتاج وبشكل سريع وعاجل إلى إبراز وتشجيع ودعم الخطاب الواعي الوسطي المتزن ومصادرة الثقة ونزع القناع وفضح من نصبوا أنفسهم حراساً لبوابة هذا الدين وناطقين باسمه ومدافعين عن حماه من أجل تحقيق أهدافهم السياسية وأجنداتهم الخارجية وأمراضهم النفسية!.

كـل تفجير لمنشأة أو لمصلحة أو لمواقع أو اغتيال لشخصية حدثت في حضرموت حقق ذلكم التفجيرهدفه أم لم يحققه وذهب ضحيته أبرياء كما حدث في جريمة (القطن) أو جريمة (نقطة القصر الجمهوري) وغيرها من الجرائم السابقة واللاحقة كان سببه أن هناك خطاباً دينياً متشدداً عقيماً إقصائياً جاهلاً متحجرالعقل قليل المعرفة والاطلاع يُستغل من قبل جنرالات الموت والحرب وشيوخ النهب والسلب والعمالة, يصدر ذلكم الخطاب من قبل بعض المنتسبين إلى الدين والمدعين له والعابثين به, ويبدأ بعد أن يستقطب الشباب إلى أوكاره العفنة بدروس التكفير والتبديع والتفسيق المكثفة والمنفرة من كل مخالف لهم ولمنهجهم وينتهي بالتعبئة النفسية ضد المخالف أو الهدف, تلكم التعبئة التي يكون التفجير والموت آخر فصولها بعد أن يكون ذلكم الخطاب الأرعن قد توغل في الوجدان ونزع حرمة الدماء من قلوب شبابنا المغرر بهم وقلل من عظم ازهاق النفس التي حرم الله قتلها في أعينهم!.

راقبوا بأنفسكم مساجدكم ونوع الدروس والحلقات التي تعقد بها! راقبوا منابر رسول الله وخطب الجمعة واسمعوا ما يتفوه به خطباء الحشد الفوضوي والتعبئة اللاواعية! راقبوا قاعات المدارس والجامعات والمواقع والفضائيات! راقبوا الدورات والمخيمات والرحلات ذات الصبغة الدعوية والدينية! راقبوا المطويات والملصقات والأشرطة والسيديهات السمعية والمرئية التي تباع وتوزع بالمجان! راقبوا ولو من بعيد لتسمعوا وتشاهدوا من يغتصب صلاحيات الإله الواحد ومن يصدر الأحكام جزافاً ومن يعمق الفوارق الطائفية والمذهبية بين المسلمين ومن يزيّف وعي الجماهير الشابه ويصر على أن يصدّر لهم خطاباً دينياً عاطفياً فارغ المضمون يسكب خلاله دموع التماسيح ليغري به البسطاء من الناس والشباب المتحمس لنصرة دينه ونبيه وأمته!.

بماذا يحلل أحدنا بعض الوقائع البسيطة جداً التي حدثت ولازلت تحدث في حضرموت وغيرها من المناطق وبعض الأفكار والألفاظ والأفعال التي تصبغ بصبغة دينية إقصائية تطهيرية كانت مضمرة لفترة طويلة وعندما سنحت الفرصة لها طفت على السطح وأصبحت معلنة تتردد على الأسماع وتلهج بها الألسن وتصرخ بها الحناجر, شبّان منتمون إلى أحزاب تسمى مجازاً "سياسية" وآخرون منتمون إلى جماعات هي في الحقيقة "إرهابية" بعضها حمل السلاح ويبسط على الأرض ويقاتل المواطنين المسلمين المعصومي الدم, كيف صرخت تلكم الحناجر ضد إخوة لهم في الدين والأرض أثناء اشتباك ورمي بالأحجار قائلة "قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار"!  كيف تتجرأ جماعات منتسبة إلى الدين لتصنف الناس بأنهم "مشركون" أو "مبتدعون" أو "ضالون"! كيف يطلق من حمل السلاح ضد أهلنا في أبين ولودر وغيرها من المناطق عليهم بأنهم "مرتدون" أو "عملاء" أو "صحوات"! ماسر هذه القاذورات التي تتشدق بها الأفواه في مجتمعاتنا ومن المسؤول عن هذه التعبئة التي أوصلت الشباب إلى هذا الفهم المنزلق وهذه الإنفعالات الخطيرة ومن هي الجهة التي حشت هؤلاء الشباب بهذه المعلومات المهيّجة وتلك العقائد الفاسدة ولقنتهم إياها ثم جعلتهم يبصقونها في وجوه إخوانهم وبني جلديتهم ودينهم؟!.
                                                          
لو بحثتم عن أسبابها في مدنكم وأحيائكم ومساجدكم ومدارسكم وجامعاتكم وفضائياتكم ومواقعكم الإلكترونية وصفحات تواصلكم الاجتماعي وفي أرشيفكم من الأشرطة والسيديهات التي يكتب عليها "الدالّ على الخير كفاعله"! ربما ستجدون خيطاً سميكاً سيوصلكم حتماً إلى مستنقعات ذلكم الفكر المتعصب والمجنون والمنفلت والمحفز على العنف والداعي إلى التطهير والاستصال والكراهية, وستعلمون من هي الجهة والفئة التي بسبب أفكارها احترقت قلوب أمهاتنا حزناً وألماً على فلذات اكبادهن وهي تمزق إلى أشلاء وقطع في تفجيرات عبثية وسط مدنهم ومحافظاتهم وفي صراعات محلية لاناقة لهم فيها ولاجمل تدور رحاها في أبين وشبوة وصعدة والجوف ودماج تحت شعارات واهية ومخادعة من قبيل إقامة "الشريعة" ومحاربة "الروافض"! أو يعتقلون ويودعون السجون وهم في طريقهم إلى مايوهموهم بأنه جهاد في سبيل الله وضد الطاغوت والقوات الأمريكية!, فإذا استطعتم الوصول إلي هذا الفكر فجففوا منابعه وعالجوا أسبابه في عجل وابنوا في طريقه سداً منيعاً من الفهم الواعي والعلم الزاكي والتسامح السامي وإلا فطوفان الجهلة والمدعين والموزعين الحصريين لصكوك الغفران في "فرع اليمن" سيجرفون كل جميل نبت على ظهر هذه الأرض الطيبة وسيتركونها لنا قاعاً صفصفاً وبيداء مقفرة وغابة من دمار وخراب يسرح فيها ويمرح كل عابث بالدين وبنصوصه وأحكامه يصدّرها على هواه ويغرس في الشباب مفاهيم العنف والقتل والعبث ويجعلهم ضحايا لجرائم وكوارث وتفجيرات، المتضررالأول والأخير منها أهلهم ومدنهم ودينهم والمستفيد الأول والأخير منها جنرالات الحرب والقتل وشيوخ السلب والنهب والعمالة وشرذمة شاذة من العابثين!.

الجمعة، مارس 30، 2012

المرجفون في المواقع!!




هل تتفقون معي أننا في عصر الغثائية! .. تلك الغثائية التي طالت كل شيء ابتداءً من السلع بتعدد أنواعها مروراً بالأفكار بتنوع مستوياتها ووصولاً إلى البشر باختلاف أعراقهم ومنابتهم! .. أشعر أن هناك تضخماً غثائياً شمل كل تفاصيل الحياة وجميع مناحيها يصعب معه الفرز والغربلة إلا لمن كان قارئاً واعياً وفاهماً يعمل العقل ويحكّمه ولايعطي مجالاً للعاطفه عند الحكم الأولي أو النهائي على المضمون أياً كان نوعه, وربما يكون ذلك امتداداً طبيعياً لطفرات القرن العشرين الذي فجر ثورة الاتصالات وفتح الباب على مصراعيه للدخول إلى عصر السماوات المفتوحة والأراضي المنهوبة! والإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي التى أنتجت في كثير من حالاتها تقاطعاً اجتماعياً وأنتجت أيضاً في كثير من حالاتها تواصلاً اجتماعياً موازياً وأنتجت في قليل من حالاتها للأسف الشديد تلاقحاً اجتماعياً!.

بين التقاطع والتواصل والتلاقح "خيط أرهف من الشعرة" تتداخل فيه خيوط كثيرة بعضها وعر وبعضها ممهد! بعضها سهل وبعضها شاق! وبين الوعر والممهد والسهل والشاق تبرز الأذواق وتحضر المرجعيات والأطر التي يتحصن بداخلها ذلك المستقبل لتلك الرسائل فبعض المستقبلين شعاره "الحكمة ضالة المؤمن آنى وجدها أخذها"! وبعضهم يمشي على قاعدة  "مالك ومال الناس ياعامر"! وبعضهم يعتنق منهاج "لن تمروا"! ولن تمروا هذه في أحيان كثيرة تخرج من الصدر ومعها كم هائل من الانفعال والرغبة الجامحة في التشفي ورد الصاع صاعين.!

وفي مثل حالة "لن تمروا" ربما يجب على أصحابها سواء كانوا كتاباً أم معقلين أم معقبين أم أيَا كانوا ألا يُفقدوا أنفسهم متعة المناقشة ولذة الحوار وجمالية تبادل الأفكار والرؤى بشكل نقدي بناء يبني ولايهدم ويضيف ولايلغي إلا ماكان خطأً وزيفاً ويفضل أن يكون الرد بشكل مهذب وموضوعي يحمل في طياته معاني الود والمحبة والرغبة في المناقشة الجادة والتفاعل الجاد وعلى أصحابها الحفاظ على سلامة جسور التواصل وعدم إحراقها بنيران التشهير والهمز واللمز و"اللكع"! والمصيبة العظمى إن جاء كل ذلك تحت اسم مستعار، وجهة غير معلومة المسمى لاتحمل لارقماً وطنياً ولاحتى بطاقة شخصية أو انتخابية!.

بالعودة إلى الفقرة الأولى في المقال والحديث عن الغثائية التى قلنا عنها بأنها طالت كل شيء ولم يسلم منها شيء! نجد أنفسنا مرغمين على محاولة التعايش معها وتقبلها في معظم حالاتها كما هي إلا إذا وجد البديل المناسب والمتناسب مع مرجعياتنا وخلفياتنا ومبادئنا والأسس التي زرعت فينا وكبرت معنا أو تلك التي اكتسبناها من خلال تقلبنا في مراحل عمرية وزمنية معينة, وربما أخطرها على الإطلاق تلك الغثائيات الفكرية التي تخاطب العاطفة ولاشيء سواها تحت عدة مسميات تنطلق من خلالها لتحشد وتؤلب الرأي العام ضد أو مع قضية ربما هي ثانوية إذا نظرنا إليها من نافذة فقة الأولويات في حديث الساعة وموضوع المرحلة وأزمة العصر ففي تلك الغثائيات الطيب والخبيث "ورب كلمة حق تقال يراد بها باطل"! وخصوصاً في عصرنا الغثائي هذا والذي توفرت فيه بشكل غثائيِ مهول وسائل التواصل وأصبحت هناك سهولة في الوصول إلى المعلومة وسهولة في نشرها وبثها في دقائق وساعات قليلة!.

قيل إن المرجفين هم المشيعون للأخبار الكاذبة وقيل أيضاً - كما في لسان العرب - إنهم قوم ينقلون الأحداث بصورة مزيفة ملؤها الإثارة والتخويف, والإرجاف هو الخوض في الأخبار السيئة وذكر الفتن!.

الاثنين، فبراير 20، 2012

الإنتخابات والإصلاح وكارثة الزبيري!!




قبل أن أشرع في كتابة هذا المقال عدت إلى بنود وثيقة مطالب ثورة الشباب الصادرة عن المجلس التنسيقي لشباب ثورة التغيير"تنوع" بتاريخ 7/ابريل/2011م وللأسف بحث في تلك الوثيقة المكونة من 13 بنداً فلم أجد بنداً قد تحقق ولو حتى تلك البنود التي تحمل صفة الفورية مثل إسقاط النظام الحالي بكل رموزه سلمياً.....إلخ وتشكيل مجلس رئاسة انتقالي.....إلخ إلى غيرها من البنود الحالمة والطامحة بمستقبل مشرق سطره الشباب حروفاً على الورق وفعلاً في الساحات والشوارع وتم التآمر عليها ووأدها عبر مسرحيات الإنظمام الداخلية ومهازل التدخلات الخارجية لتنتج لنا ثورة مشوه الملامح مبتورة الأطراف أقل مايقال عنها أن عبارة عن إعادة تدوير لمخلفات حقبة أحمرية مهترئة وعفنة وترتيب أوراق ذوي النفوذ التاريخيين في اليمن من عبثوا بشمال اليمن وجنوبه منذ ثورة 26 سبتمبر وحرب صيف 94 الظالمة!.

شيخ الرئيس ورئيس الشيخ!

لانستطيع أن ننكر أن النظام في اليمن كان ولايزال محكوماً بقبضة عائلية وطبقية ترتكز أساساً على رجال القبيلة وولآئهم الخالص للشيخ ويضفي ذلك النظام على نفسه صبغة دينية يستمدها من فتاوى شيوخ الدين عند أي أزمة يمر بها وشواهد إخلاص رجال القبيلة ونجدة شيوخ الدين جلية وواضحة في مسيرة هذا النظام ستلاحظها في كل المفاصل والمنعطفات الخطيرة في تاريخه يتبع ذلك مرونه في التعامل مع الجوار العربي والعالم الغربي والإمعان في استخدام فزاعة القاعدة والأرهاب والقدرة على فرض الأمن وضمان سلامة الحدود بما يضمن إستمرار النظام ولو على حساب السيادة والكرامة كل ذلك كان يتم بتعاون وتنسيق بين طرفي النفوذ والسلطة في اليمن ونتج عن ذلك مابات يعرف في الدولة اليمنية الحديثة "بشيخ الرئيس ورئيس الشيخ" بمعنى مبسط نتقاسم كل شي انت في السلطة وانا في المعارضة أنت تحميني وأنا أنجيك ووو..إلخ ولعب دور "الشيخ" في هذه المسرحية عبدالله بن حسين الأحمر ودور "الرئيس" علي عبدالله صالح الأحمر وسارت المعادلة على تلك الحالة حتي كبر الأبناء وبرزت بوادر الشقاق والنزاع والطمع والجشع والرغبة في الإستحواذ على القدر الأكبر من السلطة والنفوذ خصوصاً بعد موت "الشيخ" لتبرز فجوة عميقة بين الأبناء تتسع وتتشعب لتأتي الثورة وتوصلها إلى مرحلة الإنفجار والتمترس خلف جدار المصالح ومحاولة إعاده ترتيب أوراقها والخوف عليها من الزوال الكامل والإجتثات الجذري بعد أن هزت ثورة الشباب ومطالبها الصريحة الأرض الصلبة التي يقفوا النظام وأركانه عليها وهو ماتم تجاوزه بعبقرية مذهلة بعد إنضمام علي محسن الأحمر وأبناء عبدالله الأحمر ومعهم شلة الجنرالات والشيوخ إلى ثورة الشباب وعندما أحس كل طرف أنه لايستطيع القضاء على الطرف الآخر وتم تجاوز الخلاف عبر تدخل الدول الخليجية بمبادرتها التي لم تراعي المصالح الداخلية ومطالب الشباب بل ركزت على مصالح ذوي النفوذ التقليديين طرفي الحكم في اليمن والمصالح الأقليمية والدولية وتسويتها بشكل لايحمل الضرر لمصالحهم ولايحمل الضِرار لمصالح القوى الإقليمية والدولية لتظل معادلة "شيخ الرئيس ورئيس الشيخ" هي المعادلة التي لاتستطيع الثورات والمبادرات تجاوزها ولتعود إلينا بثوب جديد ونكهة مميزة وكلاً في موقعه القديم الجديد زعماءاً في السلطة وزعماءاً في المعارضة!.

الإصلاح .. المنشأ والهدف!.

ذكر الشيخ عبدالله الأحمر في مذكراته صـ256 مانصه وبدون تصرف "وطلب الرئيس منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي وأنا معهم أن نكون حزبًا في الوقت الذي كنا لا نزال في المؤتمر. قال لنا: كونوا حزبًا يكون رديفاً للمؤتمر ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر، إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب، وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال، وبيننا اتفاقيات لاأستطيع أتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها، وعلى هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح في حين كان هناك فعلاً تنظيم وهو تنظيم الإخوان المسلمين الذي جعلناه كنواة داخلية في التجمع لديه التنظيم الدقيق والنظرة السياسية والأيديولوجية والتربية الفكرية." اهـ.
بهذه النوايا وهذه الأفكار أنشئ حزب التجمع اليمني للإصلاح وصبغ بصبغة إسلامية إخوانية جعلت منه ضيفاً مرحباً به أينما حل مما أعطاه شعبية كبيرة خلقت منه قوة ضاربة يضرب بها صالح وعبدالله الأحمر خصومهم وبالذات الحزب الإشتراكي والقوى اليسارية والناصرية في الجنوب والشمال في فترة مابعد الوحدة عبر سلاح الحشد لأبناء القبائل وسلاح الفتوى وتصريحات شيوخ الدين واليوم يعيدون الكرة وبنفس الأسلوب ويضرب به علي محسن وحميد الأحمر مخالفيهم ومن لم يسيروا حسب رغبتهم مثل الحراك الجنوبي وشباب الثورة الرافضين للمبادرة والإنتخابات وغيرهم من المكونات الأخرى دون عناية ومرعاة للنسبة الإسلامية والإخوانية التي نسبوها إليهم وجعلوها صفة ملازمة لتعريف حزبهم في الداخل والخارج!.

هل حزب الإصلاح حزباً إخوانياً؟!.

لطالما وصف حزب التجمع اليمني للإصلاح نفسه بأنه فرع عن جماعة الإخوان المسلمين ويؤمن بما تؤمن به ويمشي على خُطاها لكن للأسف أعتقد أن هذا الكلام فيه قدر كبير من المغالطة والتزييف للحقائق ولاننكر أن هناك من يقتفي آثر الآخوان ويلتزم بمنهجهم لكنهم قليل ولاسيطرة حقيقية لديهم على مراكز صنع القرار دآخل الحزب بل الأمر متروك لفئة قليلة من قيادته التقليديين ولانبالغ إن قلنا أن هناك فجوة كبيرة وفرق شاسع بين عقلية الأحزاب الإخوانية المنتشرة في عدد من الدول العربية وبين عقلية حزب الإصلاح في اليمن ربما أهم تلك الفوارق المرجعية والعقلية القبيلية والدينية المتشددة التي أدير بها هذا الحزب ولايزال يدار بها حتى الساعة وهي عقلية شيخ القبيلة وشيخ الدين في أدنى مستوياتها والذي لايفكر سوى بالفيد والغنيمة ومزيداً من الثراء والإنحياز إلى قانون القبيلة وتجهيل أبنائها وجعلهم أتباعاً يقولون سمعنا وأطعنا في المنشط والمكره عكس بقية الأحزاب الإخوانية الأخرى والتي تحمل سجلاً محترماً في العمل الحزبي البعيد عن سيطرة العقلية القبيلة والدينية المتشددة وأصحابها ولم يكونوا في يوم من الأيام جزءاً من أنظمة إمتصت ثروات الشعب وكانت سبباً في ثورته ونقمته بل كانوا على الدوام مناهضين لسياسات الظلم لدرجة أنهم يصبحون مشردين دآخل أوطانهم أو ينفون إلى خارجها والأمثلة على ذلك كثيرة وجمة وأخطر ما في الأمر أن قانون القبيلة هذا يطبق عند من يعدون قادة في هذا الحزب ومنظريين له وهذا مايتناقض مع عمل المتحزبين ومن رضوا بأن يكونوا قادة في حزب يحمل فكر دولة القانون والعدل ويحترم الدولة ومؤسساتها القضائية ولعل خير مثال على ذلك تحكيم العرف القبلي في الخلاف الذي نشأ بين حميد الأحمر ونعمان دويد محافظ صنعاء وكيف أنه تم الإعتذار عن طريق سوق 11 ثوراً من قبل أبناء قبيلة خولان "قبيلة دويد" إلى بيت عبدالله الأحمر واعتذورا لحميد ولأخيه صادق الأحمر وقُبل منهم الاعتذار! مايهمنا في هذه المثال هو إبراز العقلية التي يفكر ويتعامل بها من يقودون الأحزاب ويتقلدون مناصب رفيعة في السلطة والمعارضة وهم لايلتزمون بالعمل في إطار الحزب والدولة والفكر الذي يدّعون الإنتماء إليه بل ينحازون إلى القبيلة وأعرافها في اتفه الأمور وربما أكبرها وهذه وغيرها من الأحداث والشبهات والإنتقادات التي تحوم حول عدد كبير من قادته وأصحاب الصف الأول فيه تجعلنا نضع ألف خط تحت سلامة منهج حزب الإصلاح وحقيقة كونه حزباً ذا صفة إسلامية إخوانية ملتزمة بمنهج الإخوان!.

ما المطلوب من كوارد حزب الإصلاح؟!.

تكمن معظلة وأزمة حزب الإصلاح في أنهم ينسبون كل شي إلى صالح وأولاده وأبناء إخوته ولايعترفون بغيرهم فسدة ومفسدين ويرون أن برحيلهم إنتهى كل شي وتم إستصال شأفة الفساد ويصرون على ذلك ويتجاهلون ويغضون الطرف عن منظمومة الفساد الكبيرة والمعقدة والتي كانت ساعد صالح الأيمن أو كان صالح ساعدهم الأيمن طوال 33 سنة ويستميتون في الدفاع عنها بحجة أن أصحابها ناصروا الثورة تلك الثورة التي لم تحقق بنداً من بنود شبابها الذين سآلت دماؤهم في الشوارع والساحات وهذا مايجعلنا نتيقن أن هناك توظيف للحزب وتعبئة لشبابه ضد من يخالف قياداته ويخرج عن طاعتها ويحد من صلاحياتها ومراكز نفوذها وليس ضد كل فاسد وظالم وهذا أمر يطعن في مصداقية الحزب ويشكك في توجهاته المختلفة,وشخصياً لهذه الأسباب وغيرها الكثير كنت أتمنى على الدوام أن تفك قيادات وقواعد حزب الإصلاح وبالذات تلك القيادات والقواعد الجنوبية ارتباطها عن المركز في صنعاء وتأسس حزباً جنوبياً خالصاً ليس للضباط والمشايخ ورجال الأعمال أي تدخل فيه أوتحديداً لخيارته تحت عناوين جذابة ظاهرها فيها الرحمة والخير وباطنها يأتي من قبلها العذاب والنهب والحماية لمصالحهم ولشركاتهم وللمصادر التي تدر عليهم بالملايين في طول الجنوب وعرضه, لكن للأسف كثير من الأخوة في حزب الإصلاح وبالذات أبناء المحافظات الجنوبية لايريدون أن يفهموا أن المؤتمر والإصلاح منذ العام 90م وحتى الآن يتبادل الأدوار واحداً في السلطة وواحداً في المعارضة وزعيم السلطة "أحمر" وزعيم المعارضة "أحمر" وكل الوقائع والأحداث تؤكد ذلك والهدف مزيداً من النهب لخيرات الجنوب والشمال أو بجملة أوضح إستمرار إستعمار الجنوب وإستبداد الشمال لكن بطريقة عبقرية وإحترافية هذه المرة تثبت للواعي وللمراقب الحصيف أن ملة آل الأحمر واحدة وأنه هدفهم السيطرة على الجنوب والشمال وأن صالحاً ليس سوى موظفاً صغيراً في تركيبة النظام الأحمري المكون من الثلاثي الأحمر وأتباعهم (صالح وأقاربه وأولاده _ عبدالله الأحمر وأولاده وشلة المشايخ بشقيهم في الدين والقبيلة _ علي محسن الأحمر وجنرالاته وضباطه) وهم الآن يعدون من قادة الثورة ومن حماتها وتستمر الحكاية وتستمر سيطرة آل الأحمر على مقاليد الحكم في اليمن لكن في نسخه أحمرية معدلة ومزيدة وسيتكفل هذه المرة بإصالهم إلى السلطة حزب الإصلاح وقاعدته العريضة المنخدعة بالشعارات ذات الطابع الديني والتي أثبتت الوقائع أن حزب الإصلاح يوضفها لصالح قياداته ومصالحهم ومن أجل حمايتها وديموميتها فقط وهو مايثبت أن عقلية الشيخ لازالت مسيطرة على القاعدة الجماهيرية له فلو نظرنا إلى معظم مراحل الصراع والأزمات الحقيقية التي حدثت في اليمن سنجد أن حزب الإصلاح بكبار قادته وبالذات القادة القبليين والدنين كانوا على الدوام إلى جانب السلطة الحاكمة "حزب المؤتمر" جرى ذلك في كل الحروب التي خاضها النظام منذ عام 90م وفي كل الإنتخابات الرئاسة كذلك وآخرها انتخابات 2006م التي أعلن فيها الشيخ الأحمر بأنه مع مرشح الحزب الحاكم وقال قولته الشهيرة "جني تعرفه ولا إنسي ماتعرفه" والذي يعرف قوة تأثير العقلية القبلية في الشمال سيفهم تأثير شيخ القبيلة على نطاق واسع من "رعيه" عندما يتفوه بهذه الكلمات ولكن رغم هذا الإنحياز الواضح من قبل مؤسس حزب الإصلاح إلا أن قاعدة عريضة من أنصاره صوتوا لمشرح المعارضة وربما تقع ثله كبيرة منهم في المحافظات الجنوبية كونهم بعيدين عن السيطرة القبيلية والدينية التي تمارس بالشمال عكس إنتخابات عام 1999م والذي كان مرشح حزب الإصلاح هو مرشح حزب المؤتمر الحاكم وهذه الثلة هي من نتعشم فيها إحداث تغيير جذري في الحزب وفي العقلية التي تفكر بها قياداته العتيقة!.

لماذا ترفض الإنتخابات؟!

وهناك عدة أطراف في الشمال ترفض الانتخابات وتعتبرها خيانة لدماء الشهداء ولمبادئ الثورة وحتى للدستور فضلاً عن بنود اتفاقية مطالب ثورة الشباب والتي لم يتحقق منها شيء اطلاقاً ويظهر جلياً هذا الرفض عند ثورار مدينة تعز اللذين يرفعون شعارات جدية تصب في هذا الاتجاه رغم التعميم الإعلامي على مواقفهم وسيطرة حزب الإصلاح على الساحات ووسائل الإعلام المحلية والخارجية ورفضهم هذا ينبع من إيمانهم القاطع الذي يرفض المبادرة الخليجية وانضمام شخصيات إلى الثورة تعد من أعمدة نظام صالح, أما في الجنوب فيقود هذا الرفض الحركة الوطنية الجنوبية "الحراك" وله في ذلك اسبابه الكثيرة فهو يرى بالإضافة لما ذكر آنفاً أن هذه الإنتخابات ستكون بمثابة السيف الذي سيسلط على أي رأي جنوبي سيطالب بفك الارتباط وأنها ستكرس سياسية النهب لمقدرات الجنوب وثرواته وانها ستكون محور إرتكاز لأي حوار أو نقاش يتناول القضية الجنوبية والذي سيكون مفصلاً على مقاس ورغبة حزب الإصلاح وقياداته المرتبطة مصالحها الشخصية بالجنوب خصوصاً وأن هناك تعتيماً إعلامياً وتزيفاً للرفض الجنوبي للإنتخابات بل وإظهار أن الجنوب بمجموعه مع الإنتخابات ويتبني هذا التزييف قناة سهيل الممولة من قبل حميد الأحمر وقناة اليمن والأمين العام للحراك الجنوبي السابق عبدالله الناخبي وحتى القنوات الفضائية الكبرى كالجزيرة والعربية والبي بي سي والتي تتبع سياسية دولها التي لاتريد أن تضع القضية الجنوبية على طاولة البحث الجاد حتى اللحظة وتعول على حلول أخرى يرفضها الحراك الجنوبي وسيكون لهذا التعتيم ضريبة مستقبلية قريبة المدى لايعي الجوار العربي والعالم الغربي خطورتها ومضاعفاتها القادمة لامحالة!.

كذبة أن الرئيس القادم جنوبياً!.

هناك أصوات ترتفع حالياً من كتّاب وسياسيين ضد أي صوت جنوبي يطالب بفك الإرتباط أو الفيدرالية أو غيرها من المشاريع التي يطالب بها أبناء الجنوب وتدعوهم إلى ضرورة المشاركة في انتخابات 21 فبراير وخلاصة تلك الأصوات أنها تقول أن الرئيس القادم جنوبي "هادي" ورئيس الوزراء جنوبي "باسندوة" ووزير الدفاع جنوبي "محمد ناصر" وهم وبذلك يعتبون إن تحدثنا عن فك الإرتباط أو عن قضايا الجنوب الأخرى ويطالبوننا بالسكوت والدخول في هذه العملية الإنتخابية والتخلي عن الرؤى الجنوبية المقترحة لحلها ويأتي على رأسها فك الإرتباط ويزعمون أنه أخيراً قد حصل نوع من التوازن وأنه قد صار مآل الحكم إلينا, وهذا كلام أعتقد أنه في قمة السذاجة والاستغباء فهم ونحن نعرف من هو هادي الذي يسمونه بكل سخريه "عبده مقص" ونسمية نحن بسخرية أكبر من سخريتهم "عبدربه مركوز عالفاضي" أو كما يسميه أهل الشحر " كبش ربه مرصون هادي" ونعرف نحن وهم من هو باسندوة الذي يعيش في شمال اليمن منذ عام 1965م وإلى الآن يعتبر جنوبيا!, ومن هو محمد ناصر الذي لايستطيع تحريك جندي واحد في وزارة الدفاع دون إذن القائد الأعلى وصغار الضباط فعلاً عن كبارهم ونعرف ماهي صلاحياتهم ومن هي الأيدي التي تحركهم ذات اليمين وذات الشمال ونعرف أنهم طول فترة تقلدهم للمناصب لم يكونوا سوى دمى وديكورات وخداماً مطيعيين لعصابة ال الأحمر واتباعهم بكل مكوناتهم في السلطة والمعارضة الشكلية ونعرف جيداً لوبي الحكم في اليمن وكل زوائده الدودية والتي تحكم الآن وستحكم بعد يوم 21 فبراير!.

كارثة الزبيري!.

لا أحد سيفسر لنا الحال الذي وصل إليه اليمن اليوم كشعر الشهيد محمد محمود الزبيري الذي مرت عليه مواقف وأحداث وتقلبات كهذه التي تمر علينا الآن ولازالت بعض الشخصيات التي عاشت مع الزبيري وغدرت به وبالدولة الوليدة آن ذاك تعيش بين ظهرنينا اليوم وتعيد إخراج نفس السيناريوا ونحن في غفلة ساهون لأننا لانقرأ التاريخ ولانتمعن وقائعه واحداثه بشكل جيد وواعي ويقال أن هذه القصيدة التي أسماها الكارثة هي آخر ماكتبه الزبيري عندما رأى الوضع الذي آلت إليه الثورة السبتمبرية وكيف تحول القانون (الدستور) إلى جسر لفرض الحكم بالقوة أنقلها لكم كاملة فلربما تفك بعض شفرات هذا الواقع المزيف والمنحرف عن كل قيم العدالة والنزاهه!.

ما أشبه الليلة الشنعاء ببارحةٍ .. مرت وأشنع ممن يهوى وينتكس

كأن وجه الدجى مرآة كارثة ..  يرتد فيها لنا الماضي و ينعكس

و كل من رام قهر الشعب متجه .. لها يريد الهدى منها و يقتبس
يقلدون أفاعيل (الإمام) فلو .. رأوه يرفسُ من صرع ٍ به رفسوا
هذه (القوانين) رؤياه تعاودهم .. قد ألبسوها نفاق العصر والتبسوا

____________________

روح الإمامة تسري في مشاعرهم .. و إن تغيرت الأشكال والأسس

متى حكمتم بقانون ٍ وقد قُتل .. الآلاف أو سُحقوا كالدود أو كُنسوا
عار على صانع القانون يكتبه .. وحكمه في بحار الدم منغمس
كفى خداعاً فعين الشعب صاحية .. و الناس قد سئموا الرؤيا وقد يئسوا
لِمَ القوانين؟ فن الموت في يدكم .. و الحقد رائدكم و الحق مُرتكس
و أنتم عودة للأمس قد قُبر الطغاة فيكم .. وعادوا بعدما أندرسوا
و أنتم (طبعة) للظلم ثانية .. تداركت كل ما قد أهملوا ونسوا

___________________

إن شئتم فاقتلوا من ليس يعجبكم .. أو من ترون لهم في قٌربكم دنسُ

و أحرقونا (بغاز) كلما اجتمع الأحرار .. أو إن فكروا في الرشد أو حدسوا
و حاسِبوهم متى شئتم حساب الطاغي .. إذا سعلوا في النوم أو عطسوا
من حظكم أن هول الأمر مستتر .. عنكم و إن شعاع الشمس منطمس
و إن صوت الخراب الفظ أغنية .. ترتاح أنفسكم منها و تأتنس
هنيئا لكم الحكم أن أطغاكم بله ٌ.. من الكوارث أو إستقواكم حرس
أوراقكم لشراء الشعب تذكرنا .. ما باعه قسسٌ بالصك وأختلسوا
أتنكرون عليهم بيع جنتهم ؟ .. يا قوم لا تخدعونا كلكم قسسُ

_________________

قانونكم لإغتصاب الحكم مهزلة ٌ.. كترهات إمام ٍ مسه الهوس

والحكم بالغصب رجعيٌ نقاومه .. حتى ولو لبس الحكام ما لبسوا 
والظلم يعلنه القانون نفهمه .. ظلماً وإن زينوا الألفاظ واحترسوا
والموت من مدفع ٍ (حر) نقول له .. موتا ً وإن أوهمونا أنه عرس
والمستشارون في القانون لو حضروا .. حربا لما كتبوا حرفا ولانبسوا
يلفقون يلقنون قوانين العبيد لنا .. و نحن شعبٌ أبي مارد شرس
ليت التواريخ أعطتهم تجاربهم .. فإنها درست أضعاف مادرسوا