الجمعة، مارس 30، 2012

المرجفون في المواقع!!




هل تتفقون معي أننا في عصر الغثائية! .. تلك الغثائية التي طالت كل شيء ابتداءً من السلع بتعدد أنواعها مروراً بالأفكار بتنوع مستوياتها ووصولاً إلى البشر باختلاف أعراقهم ومنابتهم! .. أشعر أن هناك تضخماً غثائياً شمل كل تفاصيل الحياة وجميع مناحيها يصعب معه الفرز والغربلة إلا لمن كان قارئاً واعياً وفاهماً يعمل العقل ويحكّمه ولايعطي مجالاً للعاطفه عند الحكم الأولي أو النهائي على المضمون أياً كان نوعه, وربما يكون ذلك امتداداً طبيعياً لطفرات القرن العشرين الذي فجر ثورة الاتصالات وفتح الباب على مصراعيه للدخول إلى عصر السماوات المفتوحة والأراضي المنهوبة! والإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي التى أنتجت في كثير من حالاتها تقاطعاً اجتماعياً وأنتجت أيضاً في كثير من حالاتها تواصلاً اجتماعياً موازياً وأنتجت في قليل من حالاتها للأسف الشديد تلاقحاً اجتماعياً!.

بين التقاطع والتواصل والتلاقح "خيط أرهف من الشعرة" تتداخل فيه خيوط كثيرة بعضها وعر وبعضها ممهد! بعضها سهل وبعضها شاق! وبين الوعر والممهد والسهل والشاق تبرز الأذواق وتحضر المرجعيات والأطر التي يتحصن بداخلها ذلك المستقبل لتلك الرسائل فبعض المستقبلين شعاره "الحكمة ضالة المؤمن آنى وجدها أخذها"! وبعضهم يمشي على قاعدة  "مالك ومال الناس ياعامر"! وبعضهم يعتنق منهاج "لن تمروا"! ولن تمروا هذه في أحيان كثيرة تخرج من الصدر ومعها كم هائل من الانفعال والرغبة الجامحة في التشفي ورد الصاع صاعين.!

وفي مثل حالة "لن تمروا" ربما يجب على أصحابها سواء كانوا كتاباً أم معقلين أم معقبين أم أيَا كانوا ألا يُفقدوا أنفسهم متعة المناقشة ولذة الحوار وجمالية تبادل الأفكار والرؤى بشكل نقدي بناء يبني ولايهدم ويضيف ولايلغي إلا ماكان خطأً وزيفاً ويفضل أن يكون الرد بشكل مهذب وموضوعي يحمل في طياته معاني الود والمحبة والرغبة في المناقشة الجادة والتفاعل الجاد وعلى أصحابها الحفاظ على سلامة جسور التواصل وعدم إحراقها بنيران التشهير والهمز واللمز و"اللكع"! والمصيبة العظمى إن جاء كل ذلك تحت اسم مستعار، وجهة غير معلومة المسمى لاتحمل لارقماً وطنياً ولاحتى بطاقة شخصية أو انتخابية!.

بالعودة إلى الفقرة الأولى في المقال والحديث عن الغثائية التى قلنا عنها بأنها طالت كل شيء ولم يسلم منها شيء! نجد أنفسنا مرغمين على محاولة التعايش معها وتقبلها في معظم حالاتها كما هي إلا إذا وجد البديل المناسب والمتناسب مع مرجعياتنا وخلفياتنا ومبادئنا والأسس التي زرعت فينا وكبرت معنا أو تلك التي اكتسبناها من خلال تقلبنا في مراحل عمرية وزمنية معينة, وربما أخطرها على الإطلاق تلك الغثائيات الفكرية التي تخاطب العاطفة ولاشيء سواها تحت عدة مسميات تنطلق من خلالها لتحشد وتؤلب الرأي العام ضد أو مع قضية ربما هي ثانوية إذا نظرنا إليها من نافذة فقة الأولويات في حديث الساعة وموضوع المرحلة وأزمة العصر ففي تلك الغثائيات الطيب والخبيث "ورب كلمة حق تقال يراد بها باطل"! وخصوصاً في عصرنا الغثائي هذا والذي توفرت فيه بشكل غثائيِ مهول وسائل التواصل وأصبحت هناك سهولة في الوصول إلى المعلومة وسهولة في نشرها وبثها في دقائق وساعات قليلة!.

قيل إن المرجفين هم المشيعون للأخبار الكاذبة وقيل أيضاً - كما في لسان العرب - إنهم قوم ينقلون الأحداث بصورة مزيفة ملؤها الإثارة والتخويف, والإرجاف هو الخوض في الأخبار السيئة وذكر الفتن!.

هناك تعليق واحد: