بقلم: مطيع بامزاحم
عن ماتتعرض له
أثارنا وشواهدنا التاريخية والحضارية في حضرموت بشكل عام والمكلا بشكل خاص, يتسأل
قلب المتابع قبل عقله لعل العاطفة والحديث إليها وعبرها يجد منفذاً ومدخلاً للولوج
إلى شريان الإحساس والمسؤولية, ومن خلاله وعبره إلى مراكز استنهاض الهمم وتحفيزها
لوقف هذا العبث اللامتناهي ولا أظنه سينتهي إذا بقينا نهمس ونشجب وننتقد ونتناجى
في غير هكذا معروف!.
قبل أشهر تم هدم
بيت "المحاضير" في المكلا وقبله هدّمت أو تركت الكثير من المعالم
الأثرية "سدة المكلا - حصن الغويزي - قصر المعين – البنقلة – قصر الكثيري – حصون المكلا- وعشرات
البيوت" في وسط معركة الزمان الفوضوي والعبثي لتناضل هذه المباني البيضاء منفردة
في ساحة البقاء بعد أن اجتثت قبلها وستجتث بعدها عشرات المباني في المكلا القديمة
وتحول إلى فنادق ومطاعم إسمنتية بعيدة كل البعد عن النمط المعماري القديم لهذه
المدينة القديمة لتختفي مع ظهورها وانتشارها لوحة بيضاء جميلة كان البحر يغسل
أقدامها ويداعب بياض أرجلها ولم يتسنى لجيلنا العشريني رؤية ذلك المنظر البهيج إلا
على غلاف كتاب الدكتور عبدالله الجعيدي المسمى "أوراق مكلاوية" ليتساءل
العقل والقلب حينها عن حجم الطمس والعبث والاجتثاث الذي تعرضت وتتعرض له مدينة
"المكلا" كنموذج مصغر لما تتعرض له حضرموت وأثارها وشواهدها التاريخية
الكثيرة.
أثار قرار اجتثاث
مدرسة "جيل الثورة" سابقاً "سمية" حالياً موجة من ردود الفعل
الرافضة لتمرير مثل هذه القرارات وتنفيذها لما يشكله من طمس وشطب وإخفاء قسري لكل
مظاهر العراقة والتاريخ وشواهد وملامح الحقب المختلفة التي كانت هاهنا ومرت من
هناك وبقيت شاهداً صامتاً يستنطق الشفاه حين تمتد إليها العيون وتقع على شموخها
وجمالها وصلابتها ودقتها غير أننا لم نشاهد أي تحرك شعبي في هذا السياق سوى كتابات
ومناشدات فردية هنا وهناك على النقيض مما حدث في مدينة تريم من التجهيز والإعداد المستمر
لحملة أطلق عليها "أرفعوا أيديكم عن آثارنا" عبر مواقع التواصل
الاجتماعي عندما تم تحويل قصر الرناد التاريخي إلى مجمعاً للدوائر الحكومية!.
هناك مبررات كثيرة
يسوقها ورثة ومُلاك الكثير من البيوت الأثرية والتاريخية في المكلا وحضرموت عموماً
لعل من أبرزها الأوضاع الصعبة التي يعانون منها والضائقة المالية التي يمرون بها في
ظل عدم وجود اهتمام حكومي أو أهلي حقيقي يفرد مساحة واسعة جداً للاهتمام وشراء
ورعاية ماتبقى من آثارنا ومعالمنا الصامدة ويحفظها من العبث والاندثار والاجتثاث
ويدخل على الأقل المكلا القديمة في دائرة المواقع الأثرية التي لايجوز المساس بها
ولاطمس وتغير طابعها المعماري القديم ويوفر الدعم الكافي واللازم لضمان تنفيذ ذلك.