بقلم: مطيع
بامزاحم
أبهرتنا
مبادرة ثلة من أبناء مدينة المكلا عندما تدعوا لتنفيذ حملة إنسانية خالصة غير
مؤدلجة ولامؤطرة بأي إطار سواء أكان حزبياً أم مذهبياً أم قبلياً وحملت في طياتها
معاني راقية للغاية وأطلقوا عليها حملة "أنقذوني من البرد" شعوراً منهم
بمعاناة شريحة من أهلهم قست عليهم الظروف وضاق بهم الخناق وتعففوا عن سؤال الناس
حتى لكأنك تحسبهم أغنياء من ذلك التعفف لولاء مشاهدتك لمنازلهم ومعاينتك لأوضاعهم
وجلوسك معهم وجها لوجه بشكل عفوي لأدافع حقيقي له سوى تقديم المساعدة ومحاولة
التخفيف من تلك المعاناة قدر المستطاع.
تلك المبادرة
التي قام بها هؤلاء الشباب كشفت عن جوانب قصور وإهمال وتسيب وعبث وضعف لدى
المؤسسات الأهلية - ولن نتحدث هنا عن الحكومية –إن وجدت- في هذا المقام- والمسماة
"جمعيات" أو "مؤسسات" أو "هيئات" والتي تعرّف عن
نفسها في كل لوحة ويافطة ومطوية ومجلة ومناسبة بأنها خيرية والمنتشرة في طول
حضرموت وعرضها والتي يبدوا أنها أكتفت في السنوات الأخيرة وربما حتى من سنوات
تأسيسها الأولى بالمشاريع التقليدية والروتينية التي تطل برأسها علينا في السنة
لمرة واحدة فقط كإفطار الصائم وكسوة العيد والحقيبة المدرسية والأضاحي وغيرها من
المشاريع الآنية واللحظية وحتى هذه المشاريع التي تنفذها تقريباً معظم تلك
"الجمعيات" تعاني من مآسي حقيقية أبرزها وأخطرها على الإطلاق الانتقائية
في التوزيع دون إعطاء أي أهمية لمعايير الاستحقاق والحاجة وكذلك كثرة العاملين
عليها والمؤلفة قلوبهم من أجل مشاريع الصراع الحزبية والمذهبية والقبلية والممولة
جميعها من خارج حدود حضرموت!.
تجرجرنا هذه
اللفتة الرائعة التي قام بها هؤلاء الشباب إلى مناقشة قضية الفقر والعوز وضيق ذات
اليد التي غزت الكثير من البيوت الحضرمية في المدن والقرى حتى برزت إلينا كظاهرة
تجلّت في انتشار أعداد لا بأس بهم من المتسولين من الجنسين ومن شتى الأعمار من
أبناء هذه الأرض الطيبة بعد أن كان التسول مقتصراً فقط على أخواننا اللاجئين من
الصومال ومن بعض المحافظات الشمالية ومن شريحة المهمّشين القادمين من الحديدة
ولولا الحياء والتعفف وعزة النفس عند كثير من أفراد الأسر الحضرمية لرائينا كثيراً
من أهلنا يفترشون عتبات المساجد ويطوفون في الأسواق والمتاجر بحثاً عن ريالات
معدودة تسد جوعهم وتكسي أجسادهم النحيلة.
هي همسة عتاب
وحزن وألم نبعث بها من قلوب مفجوعة وموجوعة على أهلنا الفقراء والمساكين من أبناء
هذه الأرض المعطاءة نبعث بها إلى أولئك اللذين يتربعون على عروش الجمعيات
والمؤسسات والهيئات الخيرية ندعوهم من خلالها وعبرها إلى توحيد جهودهم والتنسيق
فيما بينهم في توزيع معونات وصدقات وزكوات أهل الخير والبر والإحسان ولو لمرة
واحدة فقط ونرجوا منهم أن يتداعوا لعقد اجتماع أو حلقة نقاش أو مؤتمر موسع
يتباحثوا فيه بكل مصداقية وشفافية مواجهة هذه التحديات والمعضلات بمشاريع
إستراتيجية ضخمة وجادة قبل أن تتحول هذه المعضلات والتحديات إلى مآسي حقيقية
سنتصفحها في الصحف والمواقع الإخبارية وسنشاهدها في الشوارع والطرقات وعلى أبواب
المساجد فتصبح وصمة عار على جبين أبناء حضرموت اللذين عمّ خيرهم وفضلهم وكرمهم القاصي
ولم يصل بعد إلى الداني بالشكل المطلوب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق