الثلاثاء، يناير 07، 2014

نصوص ولصوص!!


بقلم: مطيع بامزاحم

ليس غريباً على الإطلاق أن نرى لجنة أو فريقاً كلف بعمل مقترحات أو توصيات أو رؤى أو تصورات أو حتى قوانين ودساتير في عالمنا العربي عموماً وفي اليمن خصوصاً أن يبدع ويتألق ويتأنق في تنميق الكلمات واختيار العبارات والإلمام غالباً بالقضية أو المسألة من جميع جوانبها وإيجاد الحلول الحقيقية وربما الجذرية للأزمة التي شكلّت تلكم اللجنة أو ذلكم الفريق من أجلها وذلك بحد ذاته إنجاز كبير غير أن المشكلة الحقيقية لدينا تتمثل في غياب التطبيق الحقيقي والفعلي للنصوص فضلاً عن تهميشها وتجميدها أو الانتقائية في تطبيقها في كثير من الأحيان!.

وكما نعلم فإن للقوانين وللنصوص بكافة أنواعها أهمية بالغة في حياة الشعوب لذلك قالوا أن كل مآسي الشعوب تحدث بسبب غياب القوانين وعدم تطبيقها, وحتى المبادئ الحسنة والتي غالباً ماتصب في الجانب الإيجابي من الأخلاق والسلوكيات التي أوجد القانون لكي يحافظ عليها ويشرع من أجل حمايتها ويتشربها أحدنا من بيئته وأسرته ومجتمعة لاتكون كفيلة في كثير من الأحيان بمنع صاحبها من مخالفتها لذلك يكون تطبيق القوانين والنصوص على الجميع ودون تميز هو الضمانة الوحيدة والحقيقية لمنع وقوع الخطأ أو إحداث الخلل في بنية النظام والمجتمع وتسيره بما يحقق الحياة الفضلى لأفراد تلكم المجتمعات.

وكنموذج لنصوص القضايا والأزمات التي نبدع إلى حد كبير في إيجاد الحلول الحقيقية لها ونتفنن في كتابتها وصياغتها أذكر أني ومع انتهاء المرحلة الأولى من "مؤتمر الحوار الوطني" في شهر يوليو الماضي أطلعت على نصوص تلك المرحلة وقرأت ماتوصلت إليه الفرق من نتائج وتوصيات والتي كانت في مجملها توصيات في غاية الأهمية خصوصاً في نصوص فرق التنمية والجيش والأمن والعدالة الانتقالية والحكم الرشيد واستقلالية الهيئات وستؤدي تلك النصوص بالتأكيد إلى تطورات وتغيرات جذرية وحقيقية وعميقة في بنية النظام السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي والعسكري إذا نفذت وطبقت وتحولت من كلمات مكتوبة بالحبر على الورق إلى قرارات تنفذ وتصبح حقيقة ملموسة على أرض الواقع, غير أن كل المؤشرات السابقة والحالية تشير إلى خِلاف ذلك وأن هذه النصوص ستصبح حبيسة الأدراج وصديقة الورق كالعادة خصوصاً في ظل التناحر المحموم الخفي والظاهر بين القوى التقليدية وأطراف متعددة ومختلفة داخل وخارج المؤتمر وكذلك عدم التحرك الجدي والواعي في ملف القضية الجنوبية الشائك وعدم تنفيذ النقاط الـ20 الصادرة عن اللجنة الفنية التحضيرية للمؤتمر كبادرة حسن نية ورسالة تطمين لأبناء الجنوب وكذلك عدم تنفيذ النقاط الـ11 التي أضافها فريق القضية الجنوبية المشارك في الحوار وأضف إلى ذلك ومع كل ذلك أن هناك ناراً تحت الرماد قد لاح دخانها منذ زمن وتوشك على الاندلاع بقوة رافضة وغير معترفة بالحوار وبمخرجاته جملة وتفصيلاً وشكلاً ومضموناً في كثير من المناطق الجنوبية مع وجود فئات كثيرة محلية وإقليمية ودولية تتعمد حتى اللحظة غض الطرف عنها وتحاول تجاهل وجودها أو حتى الإحساس والاعتراف بها كأقل وأجب وأبسط تقدير!.


كأمة عربية بشكل عام ربما نحن أكثر أمم الأرض لديها نصوص مختلفة ومتعددة مقدسة وموضوعة قديمة وحديثة ثابتة ومتغيرة ولازلنا حتى اللحظة نتفنن ونبدع في إضافة وصياغة المزيد من النصوص المتنوعة وتناسينا أن المشكلة الحقيقية ليست في تلك النصوص والقرارات والتصورات والرؤى ولا في القوانين التي تقر, المشكلة الحقيقية في اللصوص اللذين يقفون في الخفاء والعلن كعائقاً حقيقاً أمام تنفيذ تلك النصوص سواءاً على أنفسهم أو على من والالهم أو على مصالحهم الاقتصادية ومكاسبهم السياسية ومكانتهم الاجتماعية والطامة الكبرى إن أصبح أولئك اللصوص طرفاً أسياسياً في صياغة تلك النصوص ومشرفاً مباشراً على تطبيقها!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق