السبت، ديسمبر 28، 2013

الهبة الشعبية والإنفلات الأمني



بقلم: مطيع بامزاحم

لشعوب الأرض قاطبة الحق وكل الحق في الدفاع عن نفسها والتعبير عن مطالبها بشتى الطرق وكل السبل مها تنوعت واختلفت, وكل تلك الطرق والسبل مكفولة تأيدها وتدعمها وتناصرها وتقف إلي جانبها كآفة المبادئ والقيم وكل الشعوب الحرة المؤمنة بحتمية التصدي للظلم بكافة أنواعه إذا زاد عن حده وبلغ حداً لايطاق وكذلك التصدي للظلمة بكل أشكالهم وألوانهم في كل الأوقات والظروف والأحوال.

وانطلاقا من هذه الكفالة وتلك الحتمية بررت لدينا في حضرموت ماباتت تعرف بالهبة الشعبية تلك التي دعا إليها حلف قبائل حضرموت بعد اغتيال رئيس الحلف المقدم سعد بن حبريش الحمومي بطريقة مهينة مع سبق الإصرار والترصد والتتبع الذي ازداد بعد اجتماع حلف قبائل حضرموت في الـ4 من شهر يوليو 2013م والذي خرج بمواقف صلبة وثابتة ومزلزلة ضد العابثين بثروات ومقدرات حضرموت والمستهترين بأرواح وكرامة أبنائها وخصوصا أولئك الذين يعيشون بالقرب من مناطق امتياز الشركات المستخرجة للنفط وخيرات وثروات ظاهر وباطن أرضهم وأرض أجدادهم في طول حضرموت وعرضها لتشعل تلك الجريمة القذرة جذوة اليقظة الواسعة في عقول ونفوس وضمائر أطياف المجتمع الحضرمي بكافة مكوناته وتضامن معهم الأحرار في مناطق عدة وبالذات في مناطق الجنوب وأيدوا بيان حلف قبائل حضرموت الذي أنعقد في الـ10 من ديسمبر 2013م والذي حدد بشكل صريح وواضح المطالب وذيلها بالدعوة إلي هبة شعبية في الـ20 من ديسمبر الجاري لاتنتهي ولاتتوقف إلا بسيطرة أبناء حضرموت على كافة شؤون المحافظة في حال لم تستجب الحكومة للنقاط التي حددتها البيان.

مرت المهلة التي حددها حلف قبائل حضرموت دون تنفيذ المطالب من قبل الجهات الحكومية ليتم الانتقال إلي الاستعداد لتنفيذ الهبة التي نالت استحسان واهتمام ودعم وتأييد منقطع النظير في الداخل الحضرمي وخارجه الأمر الذي أنعكس وسينعكس إيجابا عليها وسيدفع دفعاً قوياً بظاهر القضية المتمثل في أخذ حق الشهيد بن حبريش ومرافقيه وباطنه المتمثل في الأهداف السامية التي دفع الشهيد بن حبريش حياته ثمنا لها.

غير أن التحدي الأكبر والأخطر على الإطلاق في هذه الهبة الشعبية هو الخوف من أن تؤدي  إلي إحداث فراغ أو تدهور أو انفلات أمني يعود بنتائج كارثية علي حضرموت خصوصا إذا وضعنا في عين الاعتبار أن القوى المعادية والمتضررة من قرارات وتحركات تحالف قبائل حضرموت وهبتها الشعبية ستعمل على العبث بهذا الملف والدفع بعناصر ربما من تشكيلات الجيش المختلفة أو من الجماعات المتطرفة على شاكلة من يسمون بعناصر أنصار الشريعة أو تنظيم القاعدة أو عناصر قبلية أو غيرها من أجل العبث المنظم والممنهج بالملف الأمني وترويع المواطنين ونهب الممتلكات العامة والخاصة من أجل إحداث ضغط شعبي يقف في وجه الهبة ويسحب بساط التأييد من تحت أقدام حلف القبائل ويسعى لقلب الطاولة والقضاء عليها وإيصال رسالة واضحة مفادها أما أن ترضخوا وترضوا بالوضع السابق أو أننا سنحرمكم نعمة الأمن والأمان في حدها الأدنى والمتبقي والذي كنتم تتمتعون به قبل حدوث هذه الأحداث.

إذا علمنا وفهمنا واستوعبنا كل هذه السيناريوهات المتوقعة وجب على حلف قبائل حضرموت وكافة شرائح المجتمع في المدن وحاراتها وشوارعها ومداخلها ومخارجها وكذلك القرى بكافة وديانها وسهولها وهضابها وسواحلها وصحاريها التي تقع بالقرب منها وكذلك رجال الجيش والأمن من أبناء حضرموت وجب عليهم جمعيا كل في موقعه وبالتنسيق مع حلف قبائل حضرموت إلي ضرورة وضع خطة بديلة وعاجلة ومحكمة لإحكام السيطرة على الملف الأمني وقطع الطريق على الراغبين بالعبث بهذا الملف ومحاولة إخضاعنا مرة أخري من خلاله وعبره.

بعد كل هذا ومع كل الذي حدث وسيحدث علينا أن نتذكر ونضع نصب أعيننا أن هبتنا هذه في أصلها هبة لدفع ورفع الظلم والتسلط والباطل الذي مورس علينا خلال سنوات طويلة وجلب العدالة والحرية والحق بالضوابط والقيم والمبادئ الحسنة التي هي جزء أصيل وفطري في ضمير الحضرمي تمنعه من الاعتداء والتعدي علي أي إنسان يعيش بينا وخصوصا من أخوانا البسطاء أبناء المناطق الشمالية والوسطي الهاربين من جحيم الفقر والتسلط والظلم والذين يعملون في مهن متنوعة وكذلك الأجانب والخبراء العاملين في الشركات النفطية ويجب اعتبار الاعتداء عليهم أو علي ممتلكاتهم خيانة للعهد والميثاق الحضرمي، وتذكروا جيداً أن المنزل المنقسم على نفسه لايمكنه الصمود مع وجود المندسين والمتهورين والمزايدين ووكلاء كبار لصوص النهب والقتل والإخضاع, وتذكروا كذلك أن القوة الواعية والمنضبطة والتلويح بها واستخدامها إذا لزم الأمر تحقق المطالب وتجلب الاحترام, وأن القوة التي سعت وتسعي جاهدة لإخضاعنا من أجل نهب ثرواتنا والاستهتار بأرواحنا والعبث بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا هي آخر قوة يمكننا الاعتماد عليها من أجل حمايتنا والدفاع عنا وتحقيق مطالبنا المستحقة والمشروعة, وأن الملف الأمني والحفاظ عليه من التدهور والانفلات والفراغ هو التحدي الأكبر والأخطر والأعظم في هذه الهبة الشعبية وهو الحلقة الأضعف في سلسلة القضاء عليها والمعيار الحقيقي لنجاحها.

الثلاثاء، ديسمبر 03، 2013

وزارة اللجان والصناديق!!


بقلم: مطيع بامزاحم

كل معضلة ومشكلة في هذا الوطن الملئ بالكوارث والمعضلات والمشاكل يشكّل لها على الفور لجنة خاصة سواء كانت تلك المشكلة أو المعضلة اغتيال لعسكري أو لسياسي أو حرب قبيلة أو طائفية أو مذهبية أو كارثة أمطار ونحمد لله أنه لاتوجد في رقعتنا الجغرافية زلازل نشطة ولابراكين ولاأعاصير وإلا لكان الدمار أوسع وبالتالي ستكون اللجان أكثر ويبدوا أن كل تلك اللجان تحتاج إلى تشكيل لجنة لمتابعتها ومعرفة ماتوصلوا إليه في كل مشكلة ومعضلة وكارثة عصفت ولازالت تعصف بهذا الوطن المنهك!.

والملفت للنظر أنه يتم غالباً وعلى الفور ومباشرة تشكيل ما تسمى بـ"الصناديق" بعد تشكيل اللجان العاجلة والخاصة كإمتداد طبيعي لمعالجة آثار تلك الكارثة أو المشكلة أو المعضلة وهذا شي جميل ومبهج لكن المصيبة تكمن في تحول كل صندوق من تلك الصناديق إلى وكر ومستنقع من الفساد والإفساد يصعب مع مرور الزمن فتحتها ومعرفة مابداخلها من تجاوزات ومظالم ومفاسد!.

لن أسرد أسماء اللجان التي شُكلت ولازالت تُشكل لصعوبة حصرها ولا أسماء الصناديق التي ضخت لها مليارات الدولارات والريالات اليمنية والسعودية وعلى فترات مختلفة وعلى مدى سنوات عديدة دون أن تُحل مشكلة أو تنهي معضلة وفي أحيان كثيرة دون أن تُحل حتى معظم آثارها المختلفة, وليس أول تلك الصناديق صندوق الاعمار الخاص بكارثة سيول وفيضانات 2008م التي ضربت حضرموت والمهرة وليس آخرها الصندوق الائتماني الخاص بالتعويضات لأبناء المحافظات الجنوبية المفصولين من أعمالهم منذ حرب صيف 94م والذي دعمته قطر بـ350 مليون دولار, وتجدر الإشارة هنا إلى دور المركزية السلبي في عرقلة تنفيذ مهام تلك اللجان وإجراءات صرف مالتلكم الصناديق وحجم الفساد التي ينتج عن تلك المركزية المتوحشة!.

وإلى جانب تشكيل اللجان والصناديق هناك مصطلحات تتلفظ وتأمر بها الجهات العليا المعنية عند بداية حدوث الكثير من المعضلات التي تنشأ في ربوع هذا الوطن وبالذات في تلكم المعضلات البسيطة أو تلكم التي لازالت في طورها الأول ولم تتسع بعد ولم تتمدد كعبارة "وجه إلى سرعة معالجة الموقف" أو "دعا الجهات المعنية إلى سرعة لملمت المشكلة" أو "أكد على الحزم في تطبيق القانون في القضية" لتتحول بسبب الإهمال والتقصير والتراخي في أداء وتنفيذ الواجب بقدرة قادر ورغبة راغب وتخطيط مُخطط إلى لجنة يتبعها صندوق لنصل في النهاية إلى طريق مسدود ونتجه مخيبة للآمال والأحلام والطموحات!.


ومع زيادة أعداد اللجان والصناديق يبدوا أن الحاجة لم تعد ملحة لتشكيل لجنة خاصة تتابع ماتوصلت إليه تلك اللجان والصناديق, بل ربما نحن بحاجة ملحة جداً لتشكيل وزارة تسمى "وزارة اللجان والصناديق" من أجل متابعتها ومحاسبتها ووقف تجاوزاتها وشكرها إذا أنجزت مهامها على أكمل وجه وأبهى صورة!.