الخميس، نوفمبر 17، 2016

مخترعو حضرموت : الصعود نحو القمة


تقرير: مطيع بامزاحم
لاتستغرب إذا سمعت أن في اليمن البلد الذي يعاني من الأمية والفقر والبطالة والصراعات السياسية المستمرة شباباً مبدعاً ومبتكراً ومطلعاً على جديد العلوم والتطورات التكنولوجية ويحمل على عاتقه همّ نهضة وبناء مجتمعه منتقلاً من الفردية في العمل إلى العمل الجماعي رغبة منه في إحداث تلاقح للأفكار وتتبادل للخبرات وصولاً لتحقيق الأهداف والغايات النبيلة التي تصب في نهضة المجتمع.
ففي محافظة حضرموت الواقعة جنوب البلاد برز خلال السنوات الماضية عدد من المخترعين الشباب اللذين لمع نجمهم عندما شاركوا في معارض جنيف وسول وألمانيا وسلوفينيا وبولندا الدولية وبعض المعارض العربية في الكويت والسعودية واستطاعوا إبهار الزوار والمهتمين باختراعاتهم وأفكارهم وابتكاراتهم وحصلوا على العدد من الجوائز والميداليات, وهم ينتقلون الآن إلى خطوة جديدة من شأنها أن تسهم في تنظيم جهودهم وتحافظ على حقوق اختراعاتهم وأيضاً ستسهم في بناء ونهضة المجتمع من خلال عمل مؤسسي منظّم.

إنجاز

المخترع فهد عبدالله باعشن رئيس مؤسسة حضرموت للاختراع من أبرز اختراعاته "البساط العجيب" وهو عبارة عن بساط يولد كهرباء ناتجة عن المشي عليه وجهاز "باعشن تك" وهو تقنية جديدة لمنع التدخين بصورة إجبارية في الأماكن العامة وله عدد آخر من الاختراعات الفردية والمشتركة وشارك في عدد من المعارض الدولية وتحصل على ثلاث ميداليات ذهبية وثلاث فضية وخمس برونزية وواحدة دولية يرى أن أكبر إنجاز حققه المخترعين الشباب في محافظة حضرموت هو إنشاء "مؤسسة حضرموت للاختراع" والتي ضمت حتى اللحظة 30 مخترعاً وستقوم المؤسسة بتنظيمهم وتنفيذ برامج لاكتشاف مخترعين جدد وصناعة نماذج لاختراعاتهم وتسهيل مشاركاتهم في المؤتمرات والمعارض العربية والدولية.

عمل مؤسسي

عندما سُأل الفقيد المخترع هاني باجعالة الذي وافاه الأجل قبل عدة أشهر وهو الثالثة والأربعين من العمر عن الحاجة التي دعت إلى إنشاء مؤسسة تضم المخترعين قال "لننتقل من مفهوم الفردية والعشوائية إلى مفهوم الثورة الصناعية التي تحقق النهضة الحقيقية للأمة من خلال عمل مؤسسي منظّم تديره عقول أفرادها المتميزين ويستأنس فيه برأي أحبابها من أهل الخبرة في مختلف المجالات".

رؤية

لدى مؤسسة حضرموت للاختراع رؤية طموحه تتخلص في الوصول إلى ثورة فكرية وصناعية يقودها 500 مخترع بحلول العام 2020م في محافظة حضرموت, وتسعى من خلال رسالتها إلى لأن تكون المؤسسة التعليمية الأولى في مجال الاختراعات في اليمن في بيئة منتجة ومحفزة وإبداعية من خلال نشر وتعزيز مفهوم وثقافة الاختراع والفكر الصناعي وتبني ودعم وتشجيع الأنشطة الإبداعية ذات العلاقة بعلوم الاختراع والبحث العلمي والتطبيقي وبناء قدرات المخترعين الشخصية والعلمية وترجمة الأفكار إلى نماذج تصنيع أولية يتم تسويقها كمنتجات تجارية مربحة.

نماذج

بلغت عدد الاختراعات التي ابتكرها شباب حضرموت المخترعين 20 اختراعاً حتى اللحظة ومعظمها شاركت في 13 مؤتمر ومسابقة ومعرض عربي ودولي وحصدت ميداليات وجوائز وألقاب وشهادات ومن أبرزها "العملاق الصغير" وهي أكبر ساعة ضوئية عملاقة على مستوى العالم إذا تم إنشائها وستكون في مدينة المكلا عاصمة حضرموت وتتكون من 60 عمود ضوئي ويبلغ قطرها 60 متر قابل للزيادة ولها نظام تحكم إلكتروني دقيق يتحكم في إضاءة الأعمدة المراد إضاءتها وستضيف للمدينة الساحلية بعداً جمالياً وسياحياً.

يلي "العملاق الصغير" جهاز "باعشن تك" وهو جهاز خاص لمنع التدخين في الأماكن العامة إجبارياً, ظهر بعد ذلك اختراع مشترك بين ستة من المخترعين الشباب وسمي "كابينة الحياة Life Cabin" وهي حل مبتكر ووسيلة آمنة لإنقاذ ركاب الطيران المدني من خلال وضع الركاب في مقصورات داخلية لحمايتهم وإنقاذهم أثناء وقوع الحوادث والجرائم الإرهابية, وهناك جهاز "HB2" وهو جهاز محمول لكشف الأمراض الوبائية يعمل تلقائياً للكشف المبكر عن أعراض الفيروسات الوبائية خلال انتشار أمراض جديدة في المجتمعات مثل فايروس HIN2 وانفلونزا الطيور وغيرها.

وآخر نماذج الاختراعات التي سنستعرضها في التقرير اختراع "الكرسي الطبيب Doctor chair" وهو عمل مشترك يهدف إلى الحفاظ على حياة الإنسان وإسعافه وتقديم تشخيص أولى لحالته أثناء الرحلات الجوية للمسافرين وهو عبارة عن كرسي مريح مزود بأجهزة فحص طبية ضرورية وشاشة عرض لحالة المريض ومدى خطورتها والقيام بإسعافه أولياً أثناء وجوده بالكرسي وإعطاء نتجه رقمية لحالة المريض الصحية ومدى خطورتها.

مشاريع

بدأت المؤسسة في إنشاء مركز علمي متخصص أطلقت عليه "مركز حضرموت للبحوث العلمية التطبيقية" ويهدف إلى المساهمة في تطوير البني التحتية اللازمة للبحث العلمي في المجتمع من خلال التركيز بشكل أساسي على التطبيقات الصناعية وتتركز مشاريع المركز في مرحلته الأولى على مشاريع تقنية النانو وعدد من المنظومات البحثية المتوفرة في هذا المجال.

وهناك مشروع آخر أطلق عليه "مركز حضرموت لعلوم الفضاء" وهو مركز علمي متخصص يهدف للقيام بالبحوث التطبيقية وتنفيذ المشاريع والبرامج في مجال علوم الفضاء والطيران لنقل وتوطين تقنياتها بما يخدم تحقيق النهضة في الوطن.

إلى جانب هذه المشاريع الحالية هناك مشاريع مستقبلية طموحة للغاية مدرجة ضمن خطط المؤسسة منها بناء برج الاختراع وفندق الساعة وجامعة ومدينة علمية وإنشاء شركات تصنيع الاختراعات والوصول لجائزة نوبل وعمل شراكات دولية معتمدة كالشراكة مع وكالة ناسا للفضاء وبناء معهد تدريب فني ومهني وتقني ولغوي وإنشاء مجلة وإذاعة وتلفزيون الاختراع وتنظيم معرض حضرموت الدولي للاختراع.

رغبة في الإنتاج

تواجه المخترعين الشباب في حضرموت الكثير من العقبات في طريق تحويل اختراعاتهم التي شاركوا بها في المعارض المختلفة إلى منتجات حقيقة تؤدي الغرض التي ابتكرت من أجله ويرجع السبب إلى أن التكلفة المالية الكبيرة لبعض الاختراعات كساعة "العملاق الصغير" وبعضها معتمدة على تراخيص من قبل المنظمات الدولية والشركات العالمية لتعميم هذه التقنيات كما هو الحال مع اختراع "باعشن تك" واختراع "كابينة الحياة".

غير أن المخترع فهد باعشن صرح بأن هناك ثلاثة أفكار تجارية تعتزم المؤسسة صناعتها في الصين قريباً وإنزالها إلى الأسواق المحلية حتى تتعزز لدى المخترعين الثقة بأنفسهم ويلمس المجتمع أفكار أبنائه المخترعين وهي متجسدة على أرض الواقع, مضيفاً بأنه لن يعلن عنها كونها تجارية ولم تشارك من قبل في أي معارض عربية أو دولية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق