فاجعة حقيقية تلك التي شهدتها مدينة المكلا اليوم، ضحيتها 5 من مهندسي الصرف الصحي والمياه ماتوا اختناقا داخل المحطة أثناء تنفيذهم لعملية صيانة دورية، و5 آخرين نرجوا أن يمنّ الله عليهم بالشفاء العاجل.
فاجعة كهذه لاتشبهها في مقدار الوجع والحزن الذي خيم على مدينة المكلا وعلى قلب كل إنسان تناهى الى سمعه خبرها، الا جريمة استشهاد 48 جنديا من جنود النخبة الحضرمية في معسكر الاستخبارات بحي المتضررين وقت اذان مغرب رمضان 2016م، وجريمة التفجير التي أودت بحياة 35 شابا من أبناء حضرموت أمام بوابة القيادة العامة للأمن والشرطة بالمكلا في العام نفسه، مع اختلاف الادوات والأساليب والطرق وعدد الضحايا بين فاجعة اليوم والفاجعتين الأخريتين، إلا أنهما تتفقان معا في هول الصدمة وفداحة المأساة وحجم الحزن وتفطر القلوب من شدة الوجع.
لاننكر بأن مثل هذه الفواجع واشد تحدث في كثير من دول العالم لأسباب مختلفة، لكن الفرق بيننا وبينهم أننا نغلق الملفات سريعا ونطوى الصفحات باكرا ونبحث عن تبريرات لإرضاء أنفسنا من قبيل أن نقول بأن ذلك "مقدرا ومكتوبا" وأن "يومه خلّصت" وغيرها من العبارات التقليدية المتداولة، لذلك لانستغرب حينما تتكرر الفواجع خلال فترات متقاربة وربما بنفس الأساليب والوسائل والطرق التي أدت لحدوثها من قبل.
من أجل ذلك، وجب علينا كمسؤولين ومواطنين الا نسمح بمرور فاجعة عميقة كهذه مرور العابرين، فلا مناص من بحث جاد وحقيقي في الأسباب، وسعي فوري لإصلاحها وضمان عدم حدوث مثلها والتخفيف من آثارها لو حدثت، ولن يتأتى ذلك إلا بحرص كل مسؤول على الإصلاح والتحسين والتطوير وسعيه الدؤوب لإحداث نقلات نوعية وحقيقة في مجال عمله.
وبما أننا قد خضنا في هذا الموضوع وجب علينا أن نشير من خلال هذه الأحرف المكلومة إلى تصرفات لطالما تتكرر مع كل فاجعة تحل بنا، بعضها تصدر عن مواطنين عاديين وأخرى تصدر من مسوؤلين، فالتدافع نحو الحوادث التي تحصل بدافع الفضول وتشغيل الكاميرات دون المبادرة إلى الانقاذ أو طلبه عادة قبيحة يحب أن تنتهي، وعدم سرعة وصول النجدة من الجهات الأمنية والصحية أو وصولها متأخرة وغير مجهزة بالفرق الطبية والمعدات اللازمة للإنقاذ جريمة لاتغتفر بل وتستوجب اشد انواع العقوبة، وتسابق المسؤولين غير المعنين إلى موقع الفاجعة تصرف يفصح عن جهل المسؤول بعمله ويؤكد على اختلال منظمومة الأولويات لديه ومزاحمته لأهل الاختصاص في مهامهم وفي غالب الأحيان في مثل هذه الحالات تكون النتيجة عكسية حتى وأن كان الهدف نبيلا والنوايا سلمية، وكم من أرواح بشر غادرت أجساد اصحابها جراء هذه التصرفات التي نظن أنها عفوية بينما هي في الحقيقة تصرفات لامسؤلة وعبثية.
بقى علينا أن نعمل على الاستفادة من هذه الدروس الأليمة وأخذ العبرة منها وتصحيح الأوضاع القائمة والاهتمام الشديد بتوفير ادوات السلامة وفرضها وتوجيه جزء من إيرادات حضرموت بشكل مدروس وشفاف وجاد إتجاه تحسين هذه المرافق وتطوير مهارات العاملين فيها وظروف عملهم، فالاختلالات في كثير من الموافق الخدمية وغيرها قد صارت واقعا ملموسا، وضعف التجهيزات الاسعافية وقصور القائمين عليها أصبح أمرا شائعا ومعروفا ومجربا، وتراخي وجهل المسؤول بواجباته وأولوياته قبل وبعد حدوث مثل هذه الفواجع شأن لم يعد يحتاج إلى شاهد ودليل.
رحم الله صديقي الفقيد المهندس نديم العمودي وزملائه الأربعة، وشفى المصابين ومنّ عليهم بالعافية، وعلى الجهات المختصة القيام بواجبها اتجاههم جميعا واتجاه عائلاتهم وزملائهم في المرفق نفسه وغيرها من المرافق والدوائر الرسمية الأخرى، وتحية بحجم الحزن الذي خيم على قلوبنا لجهود المنقذين من الشباب الإيجابي الذي بادر بمد يد المساعدة والعون لإنقاذ وإخراج الضحايا إلى جانب جهود بعض الجهات المختصة الأخرى، ولاثناء لمن كان دون المستوى المطلوب،،
#مطيع_بامزاحم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق